الدولـه : : عدد المساهمات : 1108 نقاط : 2272 السٌّمعَة : 0 تاريخ الميلاد : 06/12/1996 تاريخ التسجيل : 01/10/2011 العمر : 27
موضوع: فكرة لتربية الأطفال 1 الثلاثاء يناير 31, 2012 6:14 pm
100 فكرة لتربية الأسرة
عبداللطيف بن هاجس الغامدي
....................................
المقدمة
الحمد لله الهادي، من عليه اتكالي واعتمادي، وهو ملاذي عند الحادث العمم.
والصلاة والسلام على الرسول الأسوة والنبي القدوة.
وأشهد أن لا إله إلا الله، خلق الهداية، وقدر أسبابها، وخلق الغواية، وحذر طلابها، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، دل على الهداية، وحث عليها، ورغب فيها، وأمر بطرق أبوابها، والبحث عن أسبابها، أما بعد..
فإن من أوجب الواجبات، وأعظم المسؤوليات، وأكبر الأمانات؛ أمانة تربية المسلم لأهل بيته مبتدئا بنفسه، ومثنيا بمن يعول.. أدناه فأدناه.
وهذا من معنى قول الله:{يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاط شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم: 6]. فهو مسؤول عنهم، ومحاسب عليهم، ومعاقب على تفريطه في تربيتهم؛ فالتربية ليست أمرا عارضا أو قضية هامشية أو فكرة عابرة، أو خاطرة سائرة؛ بل هي ضرورة ملحة، ومسألة لازمة،
وقضية تضرب بجذورها في الماضي الفائت، لتعبر الحاضر السائر، وتمتد إلى المستقبل الآتي.
وصلاح الأهل نعمة عظيمة، ومنة- من الله- كريمة، لا يشعر بها، ويعرف فضلها، ويقدر قدرها إلا من حرم منها، وتلوع قلبه بضدها، واكتوى فواده بنقيضها.
وكما أن لكل حرث زارع، ولكل مال جامع؛ فكذا الهداية لها أسباب وطرائق، وموانع وعوائق.
والواجب المتحتم على كل مسلم أن يبحث عن طرق الهداية ويغتنمها، ويتنكب سبل الضلال والغواية ويجتنبها.
وليعلم علم اليقين أن التربية تحتاج إلى جهد جهيد لا يعرف الكسل، وبذل لا يتوافق مع البخل، ومواصلة لا ترضى بالانقطاع، وهمة لا تقنع بالدون، وعزيمة لا تتناسب مع الخمول.
وحسبك من محامدها أن العبد يؤجر عليها ويثاب على ما بذل فيها حتى بعد موته وانتهاء عمره وانقطاع أثره وانبتات أمره.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)) وبها ترفع في قدره، ويضاعف له في أجره، ويعقب بخير في أثره.
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن الرجل لترفع درجته في الجنة، فيقول: أني لي هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك)). ومنها أنها تجمعه بأحبته وقرابته في درجات الجنة، فضلاً من الله ومنة!
قال تعالى:{والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين} [الطور: 21]
وبها ترفع الرؤوس، وترضى النفوس، وتطيب الخواطر.
وبها تحفظ الأموال، وتصان الأجيال، وترتاح الضمائر.
وبها يقع الائتلاف، ويندفع الاختلاف، وتتحد العواطف والمشاعر.
فالهداية هدية من رب البرية، يعطيها من يستحقها، تفضلاً منه ونعمة، فيا نعمت العطية!
وهذه مائة فكرة لتربية الأسرة جمعتها من أرض الواقع تبصرة للمهتدي، وإعانة للمبتدي، وإرغاما للمعتدي، وتذكيرا لمن أضاع أمانته، وفرط في مسؤوليته، فهي بلسم نافع، ودواء ناجع لمن يرجو أن تقر عينه، ويسعد قلبه، وينشرح صدره بصلاح نفسه وأهله- بإذن الله-.
والله المسؤول- وهو خير مأمول- أن يكتب بها النفع ولها القبول، وأن يضاعف بها أجري، ويعلي بها ذكري، ويرفع بها قدري، ويشرح بها صدري، ويمحو بها وزري، وأن يجعلها ذخري يوم أن ألقى بها ربي.. وهو مولاي وحسبي!
وصلى الله وسلم على أكرم رسول وأعظم نبي.
مسلمات في طريق التربية
1- إن التربية عبادة يؤجر عليها العبد، ويثاب على إحسانه فيها.
ولابد فيها من إخلاص النية وتجريدها لله تعالى، فلا يتعب المسلم في التربية ليقال عنه إنه أحسن فيها، أو ليشار إليه بالبنان بأنه قد بذل الغاية في البحث عن سبل الهداية لأهل بيته، أو ليقال: يا له من مرب بارع! وتربوي ناجح!
قال تعالى:{وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} [البينة: ه].
عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إنما الأعمال بالنيات..)).
ولابد من الموافقة والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم،فخير الهدي هديه، وأكمل الطرق طريقته، وأبلغ المسالك سنته.
فالمتابعة له صلى الله عليه وسلم في تربيته لأهل بيته أمر لازم لا خيار فيه ولا مصرف عنه، وثمراته حاصلة، ونتائجه عاجلة، ولا بأس من الاستفادة من أساليب التربية الحديثة بما يوافق ما كان عليه وما جاء به صلى الله عليه وسلم.
عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).
وفي استقراء سنته صلى الله عليه وسلم ودراستها في كيفية تربيته لأسرته غنية عن غيرها، وكفاية عما سواها، فاقصد البحر، وخل القنوات، وفي تنفس الفجر في الصباح ما يغني عن لفح فتيل المصباح.
2- احتساب الأجر على الله تعالى فيما يبذل في هذه التربية،فهي شاقة لا راحة معها، وطويلة لا انتهاء لها، ومكلفة لا شحاحة فيها.
وليس للعامل من عمله إلا ما احتسب.
فأكرم الهم ما كان على الأهل، وأحب النفقة ما بذلت على القرابة، وأفضل الجهود ما عملت مع ثمرات القلوب.
عن ثوبان- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(أفضل دينار ينفقه الرجل دينار على عياله..)).
وعن أبي مسعود البدري- رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة؛ وهو يحتسبها، كانت له صدقة)).
فالتربية كل الناس يمارسونها، وليس كل الناس يؤجرون عليها.. فتنبه!
3- إن الهداية- بمعنى خلق الإيمان والتوفيق له والثبات عليه- ليست في يدك، وإنما بيد من يهدي من يشاء بفضله ورحمته، ويضل من يشاء بعدله وحكمته، وإنما عليك هداية الدلالة والارشاد والنصح والتوجيه، فلا تقصر فيها أو تغفل عنها.
قال تعالى:{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} [القصص: 56].
وقال تعالى: (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء} [البقرة: 272].
عن أبي ذر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله عز وجل:... يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم)).
ومن بذل النصح لزوجته فما أرعوت أو اهتدت فليس عليه إلا أن يقلب دفتي كتاب ربه،فيقرأ فيه قوله سبحانه{ضرب الله مثلاً للذين كقروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين} [التحريم:10].
فيا لها من سلوى وإن عظمت البلوى!
ومن بذل وسعه وعمل طاقته مع أبنائه فما زادهم إلا إصرارا وإعراضا، فليسمع- في أسى وأسف- إلى صرخة نوح النبي المبتلى الصابر- عليه السلام- في ابنه الكافر الفاجر: ((وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ(42)قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنْ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنْ الْمُغْرَقِينَ(43)وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(44)
ومن جهد جهده وبذل ما عنده لأبيه وأمه، فما رأى بارقة هداية أو علامة استجابة، فلا أقل من أن يقرأ قول إبراهيم الخليل- عليه السلام- إمام التوحيد والهداية لأبيه آزر زعيم الشرك والغواية: (( يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَانِ عَصِيًّا(44)يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَانِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا )) :مريم 44- 45،.
فتسكن النفس المحزونة، ويهدأ الخاطر المكدود!
فهل آن للنفوس أن تأخذ من هذه الدروس؟!
4- أنت عبد فقير مسكين!
لا تملك لنفسك حولاً ولا طولاً، ولا تملكها لغيرك من باب أولى!
فلا تعتمد على نفسك، ولا تركن لقدرتك، ولا تثق بغير ربك، ففوض أمرك إليه، وتوكل عليه، واستعن به.
قال تعالى:{وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} [المائدة: 23].
وقال تعالى:{وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه المصير} [هود: 88]
وأكثر من دعائه ورجائه، واللجوء إليه، والتذلل بين يديه.
ولا تقل بذكائي ومعرفتي، وجهودي ونباهتي.. بل أنت-في كل الأحوال- فقير إليه، لا غنى لك عنه، ولا مهرب لك منه. ووالله لو وكلك الله إلى نفسك طرفة عين لهلكت فإنه إذا يكلك إلى خور وضعف وجهل وبلادة!
عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين)).
5- لا يشك عاقل، أو يماري مجادل في أهمية القدوة الصالحة في كل ميدان، فنفسك ميدانك الأول، فإن قدرت عليها فأنت على غيرها أقدر وعلى سواها أمكن، فابدأ بها فأصلحها، يصلح الله لك رعيتك، ومن هم تبع لك، فإنهم يوم يسمعون منك ما يناقض ما صدر عنك، يقع الخلل، ويعظم الزلل، ويصبح الدين عندهم شعارات براقة، وكلمات جوفاء ليس لها في حياتهم أثر، ولا في واقعهم وقع.
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
قال تعالى: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} [هود: 88].
6- اللين كالسكين، يقطع دون وجع، والرفق نعمة عظيمة تؤثر في النفوس الكريمة ما لا تؤثر القسوة والغلظة!
قال الله تعالى ممتنا على نبيه الذي أرسله رحمة للعالمين: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانقضوا من حولك} [آل عمران: 159].