بسم الله الرحمان الرحيم
1 ـ لغة:
دَمِنَ على الشئ: لزمه ، وأدمن
الشراب وغيره: أدامه ولم يقلع عنه ، ويقال أدمن الأمر ، واظب عليه.(كما فى
المعجم الوسيط) [المعجم الوسيط: مجمع اللغة العربية ج1 ، طبعة1985م ، مادة
(د.م.ن) ص308 القاهرة]
ـ اصطلاحا:
تعاطى المواد الضارة طبيا
واجتماعيا وعضويا بكميات أو وجرعات كبيرة ولفترات طويلة ، تجعل الفرد
متعودا عليها وخاضعا لتأثيرها ويصعب أو يستحيل عليه الإقناع عنها.
والإدمان قد يكون إدمانا على الخمر والمسكرات ، أو إدمانا على المخدرات أو حتى بعض الأدوية والعقاقير.
ولكنه
فى كل الأحوال أكثر تعقيدا من مجرد الاشتهاء الجسمى لأنه يؤثر على أجهزة
الجسم وبخاصة على الجهاز العصبى والنفسى للإنسان والقاعدة فى الشريعة
الإسلامية تقرر أنه لا يحل للمسلم أن يتناول من الأطعمة أو الأشربة شيئا
يقتله بسرعة أو ببطء أو ما يضره ويؤذيه ، فإن المسلم ليس ملك نفسه ، وإنما
هو ملك دينه وأمته ، وحياته وصحته وماله ونعم الله كلها عليه وديعة عنده ،
ولا يحل له التفريط فيها قال سبحانه وتعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة}البقرة:195 ، وقال سبحانه وتعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان
بكم رحيما}النساء:29 ، فقد أثبتت الأبحاث الطبية والاجتماعية أن أشر ما
يمكن أن يؤدى إلى التهلكة هو الإدمان.
وليس هناك أكمل من البيان
القرآني وحجية السنة المطهرة لبيان ما ينطوى عليه من خطورة ، فالله عندما
شرع العقوبة جعل شرب الخمر ضمن جرائم الحدود ، كما قال سبحانه: {ياأيها
الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}[لنساء:
43] وقال جل شأنه:{ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب
والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون.إنما يريد الشيطان أن
يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكرالله وعن
الصلاة فهل أنتم منتهون}[المائدة:90-91]
كما وصفها الرسول الكريم
بأنها أم الكبائر وأم الخبائث لأنها تزين للإنسان الشر وتدفعه إليه ، ولذا
فقد لعن بائعها وعاصرها وحاملها فلقد "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
كل مسكر ومفتر" رواه الإمام أحمد عن أم سلمة[سنن أبى داود ، 3 /295]
ويعتبر
الإدمان فى العصر الحديث من أشد المشكلات إيلاما لأسر المدمنين والمجتمع
إذ يؤدى إلى حالة من التدهور فى الشخصية تهتز معها القيم والمعايير فلا
يعود المدمن قادرا على التوافق السليم مع القانون والحياة الاجتماعية
السوية.
إن الإدمان ظاهرة المجتمعات التى تحتوى على كثير من العناصر
البنائية المتناقضة -وبخاصة فى أنساق القيم- ويبدو أن هذا ما انتبهت إليه
الحضارة الحديثة متأخرة ، حيث بدأت كثير من الدول التى لا تدين بدين
الإسلام بالأخذ بنظرة الإسلام والتفكير جديا فى وضع القيود والقوانين
الصارمة على الخمر والمخدرات أن لم يكن تحريمها
يمكن تقسيم الأسباب الباعثة على الإدمان إلى:
1ـ أسباب شخصية
2 ـ أسباب اجتماعية
3ـ أسباب اقتصادية
4ـ أسباب صحية
5ـأسباب سياسية
أولا : الأسباب الشخصية:
1)ضعف الوازع ا لديني :
الإيمان
صمام أمان 00 يضبط تصرفات المسلم ، فلا يقدم على ماحرم الله عز وجل عليه ،
وإن خلا عن أعين البشر ، وقوانين البشر ، لأنه يراقب رب البشر ، ويعلم أنه
سيقف بين يديه في يوم عسير00 يحاسب فيه على النقير والقطمير 00 الناس فيه
فريقان } فريق في الجنة وفريق في السعير { 0
عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ،
ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ،
والتوبة معروضة بعد " متفق عليه[رواه البخاري كتاب الأشربة / باب قول الله
تعالى ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس) ص 991 برقم 5578 ،
ومسلم كتاب الإيمان / باب نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس
بالمعصية ، على إرادة نفي كماله ص 45 برقم 202]
2)الفراغ :
عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : " نعمتان
مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ " 0رواه البخاري 0[رواه البخاري
كتاب الرقاق / باب الصحة والفراغ ولا عيش إلا عيش الآخرة ص 1113 برقم 641]
مع كل أسف فشلت كثير من الأسر والمدارس والمجتمعات في استيعاب الشباب ، واستثمار طاقاتهم 0
فهناك
شريحة كبيرة من الشباب تكتظ بهم الشوارع لا هم لهم إلا قتل الوقت ، وقد
تنبت في هذه البيئة الخصبة نبتة الانحراف والسلوك الشاذ فتنمو ، وتجد في
فراغ الشباب ما يدفعهم إلى تبنيها وممارستها .
3)الأفكار الكاذبة والاعتقادات الخاطئة ، ومنها :
1- الاعتقاد بأن المخدرات تقوي القدرات الجنسية ، أو تطيل مدة الجماع :
وقد أثبتت الأبحاث الطبية والدراسات العلمية العكس 0 فالمخدرات تؤدي إلى الهبوط الجنسي ، والعنة ، وتسبب العقم 0
2- الاعتقاد بعدم حرمة المخدرات :
يعتقد بعض المسلمين أن المخدرات إن لم تكن مباحة فهي على أسوء الأحوال مكروهة .
ومما لا شك فيه - عند أهل العلم - أن المخدرات محرمة في الشريعة الإسلامية بل هي كبيرة من كبائر الذنوب 0
3- الاعتقاد بأن المخدرات تجلب المتعة والسرور :
وسبب هذا الاعتقاد الدعايات المضللة التي ينخدع بها متعاطوا المخدرات ، لا سيما المبتدئين 0
4)التقليد والمجاملة :
أما التقليد فهو سمة بارزة في حياة المراهقين الذين يستقبلون مرحلة الرجولة ، ويريدون أن يظهروا أمام الآخرين مكتملي الرجولة 0
ويرتبط
بالتقليد أمر آخر وهو المجاملة 0 والفرق بينهما أن التقليد يصدر عن اقتناع
، أما المجاملة فلا تصدر عن اقتناع بالفعل ، وإنما يلجأ إليها الإنسان
مجاراة لمن حوله 0
5)حب الاستطلاع :
من المعلوم أن الإنسان مجبول على الرغبة في اكتشاف ما أخفي عنه 0
وهذا
الدافع يزداد بشكل ملحوظ في مرحلة المراهقة ، فالمراهق قد يدفعه الفضول
وحب الاستطلاع إلى تجربة تعاطي المخدرات ، مما يجعله فريسة للإدمان 0
ثانيا :الأ سباب الاجتماعية
العامل الأسري : ويدخل تحته صور عديدة منها :-
إهمال الوالدين في تربية الأولاد ، وعدم مراقبة تصرفاتهم ، واختيار رفاقهم 0
قيام الأسرة على أسس تربوية خاطئة ، وعدم العناية بالتربية الإسلامية 0
القدوة السيئة بعدم استقامة الوالدين 0
التفكك الأسري بسبب كثرة الخلافات بين الزوجين ، أو حالات الطلاق .
غياب أحد الوالدين عن المنزل لفترة طويلة 0
سوء معاملة الأولاد : إما بالإفراط في التدليل وتلبية الرغبات ، و إما بالقسوة والحرمان .
رفقة السوء :
عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الرجل
على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " 0رواه الترمذي وأبو داود [رواه
الترمذي كتاب الزهد / باب حديث الرجل على دين خليله ص 542 برقم 2378 ، وأبو
داود كتاب الأدب / باب من يؤمر أن يجالس ص 683 برقم 4833 وحسنه الألباني
في السلسلة الصحيحة 927]0
الإنســان اجتماعي بطبعه ، فهو يتأثر ببيئته ، ويكتسب عاداته الحسنة أو السيئة من جلسائه ، وقد قيل :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينـه
فـكل قـريـن بالمـقارن يـقتدي
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهـم
ولا تصـحب الأردي فتردى مع الردى
السفر للخارج :
فقد
أثبتت البحوث الميدانية أن عدداً من متعاطي المخدرات بدأوا في تعاطي
المخدرات أثناء سفرهم إلى الخارج للسياحة أو التعليم ، حيث سهولة الحصول
على المخدر ، وتوفره بأسعار زهيدة0
1)تأثير بعض وسائل الإعلام :
على
الرغم من أهمية دور وسائل الإعلام في رفع درجة الوعي ووقاية المجتمع من
المخدرات ، إلا أنها في بعض الأحيان تؤدي دوراً عكسياً في هذا الجانب ، ومن
ذلك :
1 - الخطأ أو القصور في معالجة هذه الظاهرة ، سواء بعرض بعض
مظاهر التعاطي وتأثيرات المادة على الجسم ، أو تفاصيل وكيفيات تعاطي المادة
مما يحدث نوعاً من حب الاستطلاع و التجربة 0
2 - عرض بعض الأفلام السيئة التي لا تخلو من حفلات راقصة وتعاطٍ للخمور والمخدرات ، وتقديمها في قالب الرقي والتمدن0
ثالثاً :-الأسباب الاقتصادية :
وتتضمن هذه الأسباب جانبين :
الجانب الأول ) الفقر وسوء الأحوال المادية :
فإن
الفقر والأزمات الاقتصادية كالغلاء والبطالة وتراكم الديون قد تدفع
الإنسان إلى تعاطي المخدرات هروباً من واقعه السيء ، وقد تجره إلى ترويج
المخدرات طلباً للحصول على المادة 0
الجانب الثاني ) الغنى و الترف :
فإن
توفر المال مع عدم وجود الحصانة الدينية والخلقية قد يؤدي إلى البطر و
الانغماس في الشهوات المحرمة ،وإنفاق الأموال على المواد المخدرة ، وصدق
الله تعالى إذ يقول : } كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى { 0
رابعاً :- الأسباب الصحية:
وتتضمن هذه الأسباب جانبين :
الجانب الأول ) اعتلال الصحة البدنية :- ومن صوره :
العلاج من الأمراض بالعقاقير المخدرة :-
قد يكون المريض الذي يتلقى علاجاً يحتوي على مواد مخدرة ضحية للإدمان عليها بسبب إساءة استخدامه ، أو زيادة الجرعة المقررة 0
التداوي الذاتي باستخدام بعض الأدوية كالمهدئات و المنومات بدون استشارة طبية .
الجانب الثاني ) اعتلال الصحة النفسية :
ومن
ذلك القلق و الاضطراب النفسي الناتج عن سوء المعيشة ، أو المشاكل
الاجتماعية ، أو التعرض للفشل المتكرر ، فيتعاطى المخدرات للهروب من الواقع
المؤلم 0
خامساً:-الاسباب السياسية :
يرتبط انتشار تعاطي المخدرات في بعض المجتمعات بالسياسات التي تنتهجها بعض الدول تجاه غيرها 0
فعلى
سبيل المثال قامت بعض الدول في ظل الحملات الاستعمارية بنشر المخدرات في
مستعمراتها ، لإرهاق أبنائها وإضعافهم ، و ما حرب الأفيون (1840م - 1842م )
إلا مثال واضح على هذه السياسات فقد شن الاستعمار البريطاني الحرب على
الصين بسبب رفضها الاستمرار في تجارة الأفيون ، وبانتصار بريطانيا فرضت على
الصين فتح موانيء جديدة لاستقبال الأفيون ، كما ألزمت الصينيين بدفع ثمن
الأفيون الذي تمت مصادرته0
وفي البلاد العربية تقوم إسرائيل بدور كبير
في إغراق الدول المجاورة بالمخدرات ؛ فقد زرع اليهود الحشيش في فلسطين
المحتلة و وهربوه إلى الدول المجاورة ، ولما فشلت زراعة الحشيش فتحت
إسرائيل أبوابها لعصابات التهريب وقدمت لهم المعونة لتحقق أهدافاً
استراتيجية من أهداف السياسة الاسرائيلية[المخدرات ..الرائد :سالم بن خالد
الحمود :ادارة التوعية الدينية بوزارة الداخلية السعودية]