بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصباح المظلم
خرج من داره ليلا وسار في الطريق المؤدي الى الجامع الذي يعمل فيه أماما وخطيبا يرشد الناس الى مافيه صلاح دينهم ودينياهم
وماهي الاّ دقائق حتى راَه رجل جاء ماشيا من الجهة المعاكسه
فلما اقترب منه - أي من الشيخ - بادره قائلا
السلام عليكم ايها الشيخ
أجابه الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قال الرجل وبدون تمهيد : ارجو ايها الشيخ الاّ تغضب عليّ
فاني أقول لك بصراحه أن الله قد حرمني من معظم الاشياء
ولم يغدق عليّ شيئا من نعمائه وكرمه
فأنا فقير معدم وفي حالة يرثى لها من العوز والفاقه والحرمان
ولهذا السبب فأنني لاأحمد الله ولاأشكره ، كما لم ولن التزم بنواهيه وأوامره
وهنا صمت الشيخ برهة وشعر أن الموقف مع هذا الرجل يتطلب الصبر وضبط النفس وأن المحاجاه معه وسط زحام الناس وعلى رصيف الشارع سوف تخلو من اللياقه والتأدب
فأسرَّ في نفسه امراً فقال للرجل في شيء من اللطف واللين
أرغب ايها الأخ المسلم أن ترافقني في الطريق بعض الوقت
أجابه الرجل : بكل سرور أيها الشيخ
وسار به الشيخ مسافه اوصلته الى ( عمود كهرباء ) فيه مصباح مطفيء فوقف تحته وقال للرجل
أنظر الى المصباح المعلق فوق عمود الكهرباء هذا ، هل تراه مضيئاً أم مظلماً ؟
فقال الرجل : أني اراه مظلما
فقال الشيخ : وهذه القوة الكهربائيه ، أو مانسميه ( بالتيار الكهربائي ) هل ترى أنها تصل ألى هذا المصباح ؟
أجاب الرجل وكان متعلماً : نعم أن التيار الكهربائي يسري الى هذا المصباح عن طريق السلك الذي يحمله عمود الكهرباء المتصل بالمصباح
فقال الشيخ : فما السبب في أنه لايضيء ابدا ؟
أجاب الرجل : لانه عاطل ومحترق فهو مظلم .
فأرتسمت ملامح الارتياح على وجه الشيخ فقال للرجل بنبرة الواثق الصادق
كذلك قلبك فأنه مظلم مطفَأ للخلل الذي أصابه بسبب أعراضك عن ذكر الله وعقوقك الآدمي هذا ، مع أن ( التيار الألهي ) بما فيه من رحمة ونعمه وكرم وعطاء يصل اليه
لكنك لاتحس بهذا لأنك أحرقت قلبك وعطلته عن تَقبُل هذه النعم فصار كالمصباح المظلم هذا الذي أمامك ، فما عليك الاّ أن تبدل مصباح قلبك المظلم بمصباح منير
وهنا انتبه هذا الرجل الى هذه الحقيقه الواضحه الناصعه فغمره الخجل والحياء وأحس في قرارة نفسه أنه قد أذنب كثيرا وحاد عن جادة الحق والصواب
فقال للشيخ :
لكَمْ كنت جاهلا غافلا واَثما ظالما فيا لمصير قلبي الأسود المظلم والاّ فكيف تصلني رحمة الله وتسعني وتنير قلبي وقد جحدت نعمه وأنكرت فضله ونسيت ذكره وعصيت أوامره ؟
أجابه الشيخ الناصح اللبيب : لاتيأس واستغفر الله تعالى عما بدر منك فأنه غافر الذنوب قابل التوبه وستجد بعد حين مصباح قلبك وقد غمرته أضواء الأيمان من كل مكان
أنك لن تحتاج لسوى تبديل مصباح قلبك المنطفيء
بمصباح جديد منير