فأما العلم به سبحانه فخمس مراتب العلم بذاته وصفاته وأفعاله
وأسمائه وتنزيهه عما لا يليق به
والعلم بدينه مرتبتان إحداهما دينه الأمري الشرعي وهو الصراط
المستقيم الموصل إليه
والثانية دينه الجزائي المتضمن ثوابه وعقابه وقد دخل في هذا
العلم العلم بملائكته وكتبه ورسله
وأما مراتبها العلمية فمرتبتان مرتبة لأصحاب اليمين ومرتبة للسابقين
المقربين فأما مرتبة أصحاب اليمين فأداء الواجبات وترك المحرمات مع ارتكاب المباحات
وبعض المكروهات وترك بعض المستحبات
وأما مرتبة المقربين فالقيام بالواجبات والمندوبات وترك المحرمات
والمكروهات زاهدين فيما لا ينفعهم في معادهم متورعين عما يخافون ضرره
وخاصتهم قد انقلبت المباحات في حقهم طاعات وقربات بالنية
فليس في حقهم مباح متساوي الطرفين بل كل أعمالهم راجحة ومن دونهم
يترك المباحات مشتغلا عنها بالعبادات وهؤلاء يأتونها طاعات وقربات ولأهل هاتين المرتبتين
درجات لا يحصيها إلا الله
فصل ورحى العبودية تدور على خمس عشرة قاعدة من
كملها كمل مراتب
وبيانها أن العبودية منقسمة على القلب اللسان والجوارح وعلى
كل منها عبودية تخصه
والأحكام التي للعبودية خمسة واجب ومستحب وحرام ومكروه ومباح
وهي لكل واحد من القلب واللسان والجوارح
فواجب القلب منه متفق على وجوبه ومختلف فيه
فالمتفق على وجوبه كالإخلاص والتوكل والمحبة والصبر والإنابة
والخوف والرجاء والتصديق الجازم والنية في العبادة وهذه قدر زائد على الإخلاص فإن الإخلاص
هو إفراد المعبود عن غيره
إحداهما تمييز العبادة عن العادة والثانية تمييز مراتب العبادات
بعضها عن بعض
وكذلك الصدق والفرق بينه وبين الإخلاص أن للعبد مطلوبا وطلبا
فالإخلاص توحيد مطلوبه والصدق توحيد طلبه
فالإخلاص أن لا يكون المطلوب منقسما والصدق أن لا يكون الطلب
منقسما فالصدق بذل الجهل والإخلاص إفراد المطلوب
واتفقت الأمة على وجوب هذه الأعمال على القلب من حيث الجملة
وكذلك النصح في العبودية ومدار الدين عليه وهو بذل الجهد في
إيقاع العبودية على الوجه المحبوب للرب المرضي له وأصل هذا واجب وكماله مرتبة المقربين
وكذلك كل واحد من هذه الواجبات القلبية له طرفان واجب مستحق
وهو مرتبة أصحاب اليمين وكمال مستحب وهو مرتبة المقربين
وكذلك الصبر واجب بإتفاق الأمة قال الإمام أحمد ذكر الله الصبر
في تسعين موضعا من القرآن أو بضعا وتسعين وله طرفان أيضا واجب مستحق وكمال مستحب
وأما المختلف فيه فكالرضا فإن في وجوبه قولين للفقهاء والصوفية
والقولان لأصحاب أحمد فمن أوجبه قال السخط حرام ولا خلاص عنه
إلا بالرضا ومالا خلاص عن الحرام إلا به فهو واجب
واحتجوا بأثر من لم يصبر على بلائي ولم يرض بقضائي فليتخذ ربا
سواي
ومن قال هو مستحب قال لم يجىء الأمر به في القرآن ولا في السنة
بخلاف الصبر فإن الله أمر به في مواضع كثيرة من كتابه وكذلك التوكل قال إن كنتم آمنتم
بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين وأمر بالإنابة فقال وأنيبوا إلى ربكم وأمر بالإخلاص
كقوله وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وكذلك الخوف كقوله فلا تخافوهم وخافون
إن كنتم مؤمنين وقوله فلا تخشوهم واخشون وقوله وإياي فارهبون وكذلك الصدق قال تعالى
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وكذلك المحبة وهي أفرض الواجبات
إذ هي قلب العبادة المأمور بها ومخها وروحها
وأما الرضا فإنما جاء في القرآن مدح أهله والثناء عليهم لا الأمر
به قالوا وأما الأثر المذكور فإسرائيلي لا يحتج به
قالوا وفي الحديث المعروف عن النبي إن استطعت أن تعمل الرضا
مع اليقين فافعل فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره النفس خيرا كثيرا وهو في بعض
السنن
قالوا وأما قولكم لا خلاص عن السخط إلا به فليس بلازم فإن مراتب
الناس في المقدور ثلاثة الرضا وهو أعلاها والسخط وهو أسفلها والصبر عليه بدون الرضا
به وهو أوسطها فالأولى للمقربين السابقين والثالثة للمقتصدين والثانية للظالمين وكثير
من الناس يصبر على المقدور فلا يسخط وهو غير راض به فالرضا أمر آخر
وقد أشكل على بعض الناس اجتماع الرضا مع التألم وظن أنهما متباينان
وليس كما ظنه فالمريض الشارب للدواء الكريه متألم به راض به والصائم في شهر رمضان في
شدةالحر متألم بصومه راض به والبخيل متألم بإخراج زكاة ماله راض بها فالتألم كما لا
ينافي الصبر لا ينافي الرضا به وهذا الخلاف بينهم إنما هو في الرضا بقضائه الكوني وأما
الرضا به ربا وإلها والرضا بأمره الديني فمتفق على فرضيته بل لا يصير العبد مسلما إلا
بهذا الرضا أن يرضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا
ومن هذا أيضا اختلافهم في الخشوع في الصلاة وفيه قولان للفقهاء
وهما في مذهب أحمد وغيره
وعلى القولين اختلافهم في وجوب الإعادة على من غلب عليه الوسواس
في صلاته فأوجبها ابن حامد من أصحاب أحمد وأبو حامد الغزالي في إحيائه ولم يوجبها أكثر
الفقهاء
واحتجوا بأن النبي أمر من سها في صلاته بسجدتي السهو ولم يأمره
بالإعادة مع قوله إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته فيقول اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن
يذكر حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى / ح / ولكن لا نزاع أن هذه الصلاة لا يثاب على شيء
منها إلا بقدر حضور قلبه وخضوعه كما قال النبي إن العبد لينصرف من الصلاة ولم يكتب
له إلا نصفها ثلثها ربعها حتى بلغ عشرها / ح / وقال ابن عباس رضي الله عنهما ليس لك
من صلاتك إلا ما عقلت منها / ح / فليست صحيحة باعتبار ترتب كمال مقصودها عليها وإن
سميت صحيحه باعتبار أنا لا نأمره بالإعادة
ولا ينبغي أن يعلق لفظ الصحة عليها فيقال صلاة صحيحة مع أنه
لا يثاب عليها فاعلها
والقصد أن هذه الأعمال واجبها ومستحبها هي عبودية القلب فمن
عطلها فقد عطل عبودية الملك وإن قام بعبودية رعيته من الجوارح
والمقصود أن يكون ملك الأعضاء وهو القلب قائما بعبوديته لله
سبحانه هو ورعيته
وأما المحرمات التي عليه فالكبر والرياء والعجب والحسد والغفلة
والنفاق وهي نوعان كفر ومعصية
فالكفر كالشك والنفاق والشرك وتوابعها
والمعصية نوعان كبائر وصغائر
فالكبائر كالرياء والعجب والكبر والفخر والخيلاء والقنوط من
رحمة الله واليأس من روح الله والأمن من مكر الله والفرح والسرور بأذى المسلمين والشماتة
بمصيبتهم ومحبة أن تشيع الفاحشة فيهم وحسدهم على ما آتاهم الله من فضله وتمنى زوال
ذلك عنهم وتوابع هذه الأمور التي هي أشد تحريما من الزنا وشرب الخمر وغيرهما من الكبائر
الظاهرة ولا صلاح للقلب ولا للجسد إلا باجتنابها والتوبة منها وإلا فهو قلب فاسد وإذا
فسد القلب فسد البدن
وهذه الآفات إنما تنشأ من الجهل بعبودية القلب وترك القيام بها
فوظيفة إياك نعبد على القلب قبل الجوارح فإذا جهلها وترك القيام
بها امتلأ بأضدادها ولا بد وبحسب قيامه بها يتخلص من أضدادها
وهذه الأمور ونحوها قد تكون صغائر في حقه وقد تكون كبائر بحسب
قوتها وغلظها وخفتها ودقتها
ومن الصغائر أيضا شهوة المحرمات وتمنيها وتفاوت درجات الشهوة
في الكبر والصغر بحسب تفاوت درجات المشتهي فشهوة الكفر والشرك كفر وشهوة البدعة فسق
وشهوة الكبائر معصية فإن تركها لله مع قدرته عليها أثيب وإن تركها عجزا بعد بذله مقدوره
في تحصيلها استحق عقوبة الفاعل لتنزيله منزلته في أحكام الثواب والعقاب وإن لم ينزل
منزلته في أحكام الشرع ولهذا قال النبي إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول
في النار قالوا هذا القاتل يا رسول الله فما بال المقتول قال إنه كان حريصا على قتل
صاحبه فنزله منزلة القاتل لحرصه على قتل صاحبه في الإثم دون الحكم وله نظائر كثيرة
في الثواب والعقاب
وقد علم بهذا مستحب القلب ومباحه
فصل وأما عبوديات اللسان الخمس فواجبها النطق بالشهادتين
وتلاوة ما
يلزمه تلاوته من القرآن وهو ما تتوقف صحة صلاته عليه وتلفظه
بالأذكار الواجبة في الصلاة التي أمر الله بها ورسوله كما أمر بالتسبيح في الركوع والسجود
وأمر بقول ربنا ولك الحمد بعد الأعتدال وأمر بالتشهد وأمر بالتكبير
ومن واجبه رد السلام وفي ابتدائه قولان
ومن واجبه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الجاهل وإرشاد
الضال وأداء الشهادة المتعينة وصدق الحديث
وأما مستحبه فتلاوة القرآن ودوام ذكر الله والمذاكرة في العلم
النافع وتوابع ذلك
وأما محرمه فهو النطق بكل ما يبغضه الله ورسوله كالنطق بالبدع
المخالفة لما بعث الله به رسوله والدعاء إليها وتحسينها وتقويتها وكالقذف وسب المسلم
وأذاه بكل قول والكذب وشهادة الزور والقول على الله بلا علم وهو أشدها تحريما
ومكروهة التكلم بما تركه خير من الكلام به مع عدم العقوبة عليه
وقد اختلف السلف هل في حقه كلام مباح متساوي الطرفين على قولين
ذكرهما ابن المنذر وغيره أحدهما أنه لا يخلو كل ما يتكلم به إما أن يكون له أو عليه
وليس في حقه شيء لا له ولا عليه
واحتجوا بالحديث المشهور وهو كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا
ما كان من ذكر الله وما والاه
واحتجوا بأنه يكتب كلامه كله ولا يكتب إلا الخير والشر
وقالت طائفة بل هذا الكلام مباح لا له ولا عليه كما في حركات
الجوارح
قالوا لأن كثيرا من الكلام لا يتعلق به أمر ولا نهي وهذا شأن
المباح
والتحقيق أن حركة اللسان بالكلام لا تكون متساوية الطرفين بل
إما راجحة وإما مرجوحة لأن للسان شأنا ليس لسائر الجوارح وإذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء
كلها تكفر اللسان تقول اتق الله فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا
وأكثر ما يكب الناس على مناخرهم في النار حصائد ألسنتهم وكل ما يتلفظ به اللسان فإما
أن يكون مما يرضى الله ورسوله أولا فإن كان كذلك فهو الراجح وإن لم يكن كذلك فهو
المرجوح وهذا بخلاف سائر الجوارح فإن صاحبها ينتفع بتحريكها
في المباح المستوى الطرفين لما له في ذلك من الراحة والمنفعة فأبيح له استعمالها فيما
فيه منفعة له ولا مضرة عليه فيه في الآخرة وأما حركة اللسان بما لا ينتفع به فلا يكون
إلا مضرة فتأمله
فإن قيل فقد يتحرك بما فيه منفعة دنيوية مباحة مستوية الطرفين
فيكون حكم حركته حكم ذلك الفعل
قيل حركته بها عند الحاجة إليها راجحة وعند عدم الحاجة إليها
مرجوحة لا تفيده فتكون عليه لا له
فإن قيل فإذا كان الفعل متساوي الطرفين كانت حركة اللسان التي
هي الوسيلة إليه كذلك إذ الوسائل تابعة للمقصود في الحكم
قيل لا يلزم ذلك فقد يكون الشيء مباحا بل واجبا ووسيلته مكروهة
كالوفاء بالطاعة المنذورة هو واجب مع أن وسيلته وهو النذر مكروه منهى عنه وكذلك الحلف
المكروه مرجوح مع وجوب الوفاء به أو الكفارة وكذلك سؤال الخلق عند الحاجة مكروه ويباح
له الإنتفاع بما أخرجته له المسألة وهذا كثير جدا فقد تكون الوسيلة متضمنة مفسدة تكره
أو تحرم لأجلها وما جعلت وسيلة إليه ليس بحرام ولا مكروه
فصل وأما العبوديات الخمس على الجوارح فعلى خمس
وعشرين مرتبة أيضا
إذ الحواس خمسة وعلى كل حاسة خمس عبوديات
فعلى السمع وجوب الإنصات والإستماع لما أوجبه الله ورسوله عليه
من
استماع الإسلام والإيمان وفروضهما وكذلك استماع القراءة في الصلاة
إذا جهر بها الإمام واستماع الخطبة للجمعة في أصح قولي العلماء
ويحرم عليه استماع الكفر والبدع إلا حيث يكون في استماعه مصلحة
راجحة من رده أو الشهادة على قائله أو زيادة قوة الإيمان والسنة بمعرفة ضدهما من الكفر
والبدعة ونحو ذلك وكإستماع أسرار من يهرب عنك بسره ولا يحب أن يطلعك عليه ما لم يكن
متضمنا لحق لله يجب القيام به أو لأذى مسلم يتعين نصحه وتحذيره منه
وكذلك استماع أصوات النساء الأجانب التي تخشى الفتنة بأصواتهن
إذا لم تدع إليه حاجة من شهادة أو معاملة أو استفتاء أو محاكمة أو مداواة ونحوها
وكذلك استماع المعازف وآلات الطرب واللهو كالعود والطنبور واليراع
ونحوها ولا يجب عليه سد أذنه إذا سمع الصوت وهو لا يريد استماعه إلا إذا خاف السكون
إليه والإنصات فحينئذ يجب لتجنب سماعها وجوب سد الذرائع
ونظير هذا المحرم لا يجوز له تعمد شم الطيب وإذا حملت الريح
رائحته وألقتها في مشامه لم يجب عليه سد أنفه
ونظير هذا نظرة الفجاءة لا تحرم على الناظر وتحرم عليه النظرة
الثانية إذا تعمدها
وأما السمع المستحب فكاستماع المستحب من العلم وقراءة القرآن
وذكر الله واستماع كل ما يحبه الله وليس بفرض
والمكروه عكسه وهو استماع كل ما يكره ولا يعاقب عليه والمباح
ظاهر
وأما النظر الواجب فالنظر في المصحف وكتب العلم عند تعين تعلم
الواجب منها والنظر إذا تعين لتمييز الحلال من الحرام في الإعيان التي يأكلها أو ينفقها
أو يستمتع بها والأمانات التي يؤديها إلى أربابها ليميز بينها ونحو ذلك
والنظر الحرام النظر إلى الأجنبيات بشهوة مطلقا وبغيرها إلا
لحاجة كنظر الخاطب والمستام والمعامل والشاهد والحاكم والطبيب وذي المحرم
والمستحب النظر في كتب العلم والدين التي يزداد بها الرجل إيمانا
وعلما والنظر في المصحف ووجوه العلماء الصالحين والوالدين والنظر في آيات الله المشهودة
ليستدل بها على توحيده ومعرفته وحكمته
والمكروه فضول النظر الذي لا مصلحة فيه فإن له فضولا كما للسان
فضولا وكم قاد فضولها إلى فضول عز التلخص منها وأعيى دواؤها وقال بعض السلف كانوا يكرهون
فضول النظر كما يكرهون فضول الكلام
والمباح النظر الذي لا مضرة فيه في العاجل والآجل ولا منفعة
ومن النظر الحرام النظر إلى العورات وهي قسمان
عورة وراء الثياب وعورة وراء الأبواب
ولو نظر في العورة التي وراء الأبواب فرماه صاحب العورة ففقأ
عينه لم يكن عليه شيء وذهبت هدرا بنص رسول في الحديث المتفق على صحته وإن ضعفه بعض
الفقهاء لكونه لم يبلغه النص أو تأوله
وهذا إذا لم يكن للناظر سبب يباح النظر لأجله كعورة له هناك
ينظرها أو ريبة هو مأمور أو مأذون له في الإطلاع عليها
وأما الذوق الواجب فتناول الطعام والشراب عند الإضطرار إليه
وخوف الموت فإن تركه حتى مات مات عاصيا قاتلا لنفسه قال الإمام أحمد وطاووس من اضطر
إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار
ومن هذا تناول الدواء إذا تيقن النجاة له من الهلاك على أصح
القولين وإن ظن الشفاء به فهل هو مستحب مباح أو الأفضل تركه فيه نزاع معروف بين السلف
والخلف
والذوق الحرام كذوق الخمر والسموم القاتلة والذوق الممنوع منه
للصوم الواجب
وأما المكروه فكذوق المشتبهات والأكل فوق الحاجة وذوق الطعام
الفجاءة وهو الطعام الذي تفجأ آكله ولم يرد أن يدعوك إليه وكأكل أطعمة المرائين في
الولائم والدعوات ونحوها وفي السنن أن رسول الله نهى عن طعام المتبارين وذوق طعام من
يطعمك حياء منك لا بطيبة نفس
والذوق المستحب أكل ما يعينك على طاعة الله عز وجل مما أذن الله
فيه والأكل مع الضيف ليطيب له الأكل فينال منه غرضه والأكل من طعام صاحب الدعوة الواجب
إجابتها أو المستحب
وقد أوجب بعض الفقهاء الأكل من الوليمة الواجب إجابتها للأمر
به عن الشارع
والذوق المباح ما لم يكن فيه إثم ولا رجحان
وأما تعلق العبوديات الخمس بحاسة الشم فالشم الواجب كل شم تعين
طريقا للتمييز بين الحلال والحرام كالشم الذي تعلم به هذه العين هل هي خبيثة
أو طيبة وهل هي سم قاتل أو لا مضرة فيه أو يميز به بين ما يملك
الإنتفاع به وما لا يملك ومن هذا شم المقوم ورب الخبرة عند الحكم بالتقويم وشم العبيد
ونحو ذلك
وأما الشم الحرام فالتعمد لشم الطيب في الإحرام وشم الطيب المغصوب
والمسروق وتعمد شم الطيب من النساء الأجنبيات خشية الإفتتان بما وراءه
وأما الشم المستحب فشم ما يعينك على طاعة الله ويقوي الحواس
ويبسط النفس للعلم والعمل ومن هذا هدية الطيب والريحان إذا أهديت لك ففي صحيح مسلم
عن النبي من عرض عليه ريحان فلا يرده فإنه طيب الريح خفيف المحمل / ح /
والمكروه كشم طيب الظلمة وأصحاب الشبهات ونحو ذلك
والمباح مالا منع فيه من الله ولا تبعة ولا فيه مصلحة دينية
ولا تعلق له بالشرع
وأما تعلق هذه الخمسة بحاسة اللمس فاللمس الواجب كلمس الزوجة
حين يجب جماعها والأمة الواجب إعفافها
والحرام لمس ما لا يحل من الأجنبيات
والمستحب إذا كان فيه غض بصره وكف نفسه عن الحرام وإعفاف أهله
والمكروه لمس الزوجة في الإحرام للذة وكذلك في الإعتكاف وفي
الصيام إذا لم يأمن على نفسه
ومن هذا لمس بدن الميت لغير غاسله لأن بدنه قد صار بمنزلة عورة
الحي تكريما له ولهذا يستحب ستره عن العيون وتغسيله في قميصه في أحد القولين ولمس فخذ
الرجل إذا قلنا هي عورة
والمباح مالم يكن فيه مفسدة ولا مصلحة دينية
وهذه المراتب أيضا مرتبة على البطش باليد والمشي بالرجل وأمثلتها
لا تخفى
فالتكسب المقدور للنفقة على نفسه وأهله وعياله واجب وفي وجوبه
لقضاء دينه خلاف والصحيح وجوبه ليمكنه من أداء دينه ولا يجب لإخراج الزكاة وفي وجوبه
لأداء فريضة الحج نظر والأقوى في الدليل وجوبه لدخوله في الإستطاعة وتمكنه بذلك من
أداء النسك والمشهور عدم وجوبه
ومن البطش الواجب إعانة المضطر ورمي الجمار ومباشرة الوضوء والتيمم
والحرام كقتل النفس التي حرم الله قتلها ونهب المال المعصوم
وضرب من لا يحل ضربه ونحو ذلك وكأنواع اللعب المحرم بالنص كالنرد أو ما هو أشد تحريما
منه عند أهل المدينة كالشطرنج أو مثله عند فقهاء الحديث كأحمد وغيره أو دونه عند بعضهم
ونحو كتابة البدع المخالفة للسنة تصنيفا أو نسخا إلا مقرونا بردها ونقضها وكتابة الزور
والظلم والحكم الجائر والقذف والتشبيب بالنساء الأجانب وكتابة ما فيه مضرة على المسلمين
في دينهم أو دنياهم ولا سيما أن كسبت عليه مالا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم
مما يكسبون وكذلك كتابة المفتى على الفتوى ما يخالف حكم الله ورسوله إلا أن يكون مجتهدا
مخطئا فالإثم موضوع عنه
وأما المكروه فكالعبث واللعب الذي ليس بحرام وكتابة مالا فائدة
في كتابته ولا منفعة فيه في الدنيا والآخرة
والمستحب كتابة كل ما فيه منفعة في الدين أو مصلحة لمسلم والإحسان
بيده بأن يعين صانعا أو يصنع لأخرق أو يفرغ من دلوه في دلو المستسقى أو يحمل له على
دابته أو يمسكها حتى يحمل عليها أو يعاونه بيده فيما يحتاج له ونحو ذلك ومنه لمس الركن
بيده في الطواف وفي تقبيلها بعد اللمس قولان والمباح مالا مضرة فيه ولا ثواب
وأما المشي الواجب فالمشي إلى الجمعات والجماعات في أصح القولين
لبضعة
وعشرين دليلا مذكورة في غير هذا الموضع والمشي حول البيت للطواف
الواجب والمشي بين الصفا والمروة بنفسه أو بمركوبه والمشي إلى حكم الله ورسوله إذا
دعي إليه والمشي إلى صلة رحمه وبر والديه والمشي إلى مجالس العلم الواجب طلبه وتعلمه
والمشي إلى الحج إذا قربت المسافة ولم يكن عليه فيه ضرر
والحرام المشي إلىمعصية الله وهو من رجل الشيطان قال تعالى وأجلب
عليهم بخيلك ورجلك قال مقاتل استعن عليهم بركبان جندك ومشاتهم فكل راكب وماش في معصية
الله فهو من جند إبليس
وكذلك تتعلق هذه الأحكام الخمس بالركوب أيضا
فواجبه في الركوب في الغزو والجهاد الحج الواجب
ومستحبه في الركوب المستحب من ذلك ولطلب العلم وصلة الرحم وبر
الوالدين وفي الوقوف بعرفة نزاع هل الركوب فيه أفضل أم على الأرض والتحقيق أن الركوب
أفضل إذا تضمن مصلحة من تعليم للمناسك واقتداء به وكان أعون على الدعاء ولم يكن فيه
ضرر على الدابة
وحرامه الركوب في معصية الله عز وجل
ومكروهه الركوب للهو واللعب وكل ما تركه خير من فعله
ومباحه الركوب لما لم يتضمن فوت أجر ولا تحصيل وزر
فهذه خمسون مرتبة على عشرة أشياء القلب واللسان والسمع والبصر
والأنف والفم واليد والرجل والفرج والإستواء على ظهر الدابة
فصل في منازل إياك نعبد التي ينتقل فيها القلب
منزلة منزلة في حال
وقد أكثر الناس في صفة المنازل وعددها من جعلها ألفا ومنهم من
جعلها مائة ومنهم من زاد ونقص فكل وصفها بحسب سيره وسلوكه
وسأذكر فيها أمرا مختصرا جامعا نافعا إن شاء الله تعالى
فأول منازل العبودية اليقظة وهي انزعاج القلب لروعة الإنتباه
من رقدة الغافلين ولله ما أنفع هذه الروعة وما أعظم قدرها وخطرها وما أشد إعانتها على
السلوك فمن أحس بها فقد أحس والله بالفلاح وإلا فهو في سكرات الغفلة فإذا انتبه شمر
لله بهمته إلى السفر إلى منازله الأولى وأوطانه التي سبى منها
فحي على جنات عدن فإنها ...
منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبى العدو فهل ترى ...
نعود إلى أوطاننا ونسلم
فأخذ في أهبة السفر فانتقل إلى منزلة العزم وهو العقد الجازم
على المسير ومفارقة كل قاطع ومعوق ومرافقة كل معين وموصل وبحسب كمال انتباهه ويقظته
يكون عزمه وبحسب قوة عزمه يكون استعداده
فإذا استيقظ أوجبت له اليقظة الفكرة وهي تحديق القلب نحو المطلوب
الذي قد استعد له مجملا ولما يهتد إلى تفصيله وطريق الوصول إليه
فإذا صحت فكرته أوجبت له البصيرة فهي نور في القلب يبصر به الوعد
والوعيد والجنة والنار وما أعد الله في هذه لأوليائه وفي هذه لأعدائه فأبصر الناس وقد
خرجوا من قبورهم مهطعين لدعوة الحق وقد نزلت ملائكة السموات فأحاطت بهم وقد جاء الله
وقد نصب كرسيه لفصل القضاء وقد أشرقت الأرض بنوره ووضع الكتاب وجىء بالنبيين والشهداء
وقد نصب الميزان وتطايرت الصحف واجتمعت الخصوم وتعلق كل غريم بغريمه ولاح الحوض وأكوابه
عن كثب وكثر العطاش وقل الوارد ونصب الجسر للعبور ولز الناس إليه وقسمت الأنوار دون
ظلمته للعبور عليه والنار يحطم بعضها بعضا تحته والمتساقطون فيها أضعاف أضعاف الناجين
فينفتح في قلبه عين يرى بها ذلك ويقوم بقلبه شاهد من شواهد الآخرة
يريه الآخرة ودوامها والدنيا وسرعة انقضائها
ف البصيرة نور يقذفه الله في القلب يرى به حقيقة ما أخبرت به
الرسل كأنه يشاهده رأى عين فيتحقق مع ذلك انتفاعه بما دعت إليه الرسل وتضرره بمخالفتهم
وهذا معنى قول بعض العارفين البصيرة تحقق الإنتفاع بالشيء والتضرر به وقال بعضهم البصيرة
ما خلصك من الحيرة إما بإيمان وإما بعيان
والبصيرة على ثلاث درجات من استكملها فقد استكمل البصيرة بصيرة
في الأسماء والصفات وبصيرة في الأمر والنهي وبصيرة في الوعد والوعيد
فالبصيرة في الأسماء والصفات أن لا يتأثر إيمانك بشبهة تعارض
ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله بل تكون الشبه المعارضة لذلك عندك بمنزلة الشبه
والشكوك في وجود الله فكلاهما سواء في البلاء عند أهل البصائر
وعقد هذا أن يشهد قلبك الرب تبارك وتعالى مستويا على عرشه متكلما
بأمره ونهيه بصيرا بحركات العالم علويه وسفليه وأشخاصه وذواته سميعا لأصواتهم رقيبا
على ضمائرهم وأسرارهم وأمر الممالك تحت تدبيره نازل من عنده وصاعد إليه وأملاكه بين
يديه تنفذ أوامره في أقطار الممالك موصوفا بصفات الكمال منعوتا بنعوت الجلال منزها
عن العيوب والنقائص والمثال هو كما وصف نفسه في كتابه وفوق ما يصفه به خلقه حي لا يموت
قيوم لا ينام عليم لا يخفى عليه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض بصير يرى دبيب النملة
السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء سميع يسمع ضجيج الأصوات بإختلاف اللغات
على تفنن الحاجات تمت كلماته صدقا وعدلا وجلت صفاته أن تقاس بصفات خلقه شبها ومثلا
وتعالت ذاته أن تشبه شيئا من الذوات أصلا ووسعت الخليقة أفعاله عدلا وحكمة ورحمة وإحسانا
وفضلا له الخلق والأمر وله النعمة والفضل وله الملك والحمد وله الثناء والمجد أول
ليس قبله شيء وآخر ليس بعده شيء ظاهر ليس فوقه شيء باطن ليس
دونه شيء أسماؤه كلها أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد ولذلك كانت حسنى وصفاته كلها صفات
كمال ونعوته كلها نعوت جلال وأفعاله كلها حكمة ورحمة ومصلحة وعدل كل شيء من مخلوقاته
دال عليه ومرشد لمن رآه بعين البصيرة إليه لم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلا
ولا ترك الإنسان سدى عاطلا بل خلق الخلق لقيام توحيده وعبادته وأسبغ عليهم نعمه يتوسلوا
بشكرها إلى زيادة كرامته تعرف إلى عباده بأنواع التعرفات وصرف لهم الآيات ونوع لهم
الدلالات ودعاهم إلى محبته من جميع الأبواب ومد بينه وبينهم من عهده أقوى الأسباب فأتم
عليهم نعمه السابغة وأقام عليهم حجته البالغة أفاض عليهم النعمة وكتب على نفسه الرحمة
وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته تغلب غضبه
وتفاوت الناس في هذه البصيرة بحسب تفاوتهم في معرفة النصوص النبوية
وفهمها والعلم بفساد الشبه المخالفة لحقائقها
وتجد أضعف الناس بصيرة أهل الكلام الباطل المذموم الذي ذمه السلف
لجهلهم بالنصوص ومعانيها وتمكن الشبه الباطلة من قلوبهم وإذا تأملت حال العامة الذين
ليسوا مؤمنين عند أكثرهم رأيتهم أتم بصيرة منهم وأقوى إيمانا وأعظم تسليما للوحي وانقيادا
للحق
فصل المرتبة الثانية من البصيرة البصيرة في الأمر
والنهي وهي
تجريده عن المعارضة بتأويل أو تقليد أو هوى فلا يقوم بقلبه شبهة
تعارض العلم بأمر الله ونهيه ولا شهوة تمنع من تنفيذه وامتثاله والأخذ به ولا تقليد
يريحه عن بذل الجهد في تلقى الأحكام من مشكاة النصوص
وقد علمت بهذا أهل البصائر من العلماء من غيرهم
فصل المرتبةالثالثة البصيرة في الوعد والوعيد وهي
أن تشهد قيام
الله على كل نفس بما كسبت في الخير والشر عاجلا وآجلا في دار
العمل ودار الجزاء وأن ذلك هو موجب إلهيته وربوبيته وعدله وحكمته فإن الشك في ذلك شك
في إلهيته وربوبيته بل شك في وجوده فإنه يستحيل عليه خلاف ذلك ولا يليق أن ينسب إليه
تعطيل الخليقة وإرسالها هملا وتركها سدى تعالى الله عن هذا الحسبان علوا كبيرا
فشهادة العقل بالجزاء كشهادته بالوحدانية ولهذا كان الصحيح أن
المعاد معلوم بالعقل وإنما اهتدى إلى تفاصيله بالوحي ولهذا يجعل الله سبحانه إنكار
المعاد كفرا به سبحانه لأنه إنكار لقدرته ولإلهيته وكلاهما مستلزم للكفر به قال تعالى
وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا إئنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك
الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
أحدهما إن تعجب من قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد فعجب
قولهم كيف ينكرون هذا وقد خلقوا من تراب ولم يكونوا شيئا
والثاني إن تعجب من شركهم مع الله غيره وعدم انقيادهم لتوحيده
وعبادته وحده لا شريك له فإنكارهم للبعث وقولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد أعجب
وعلى التقديرين فإنكار المعاد عجب من الإنسان وهو محض إنكار
الرب والكفر به والجحد لإلهيته وقدرته وحكمته وعدله وسلطانه
ولصاحب المنازل في البصيرة طريقة أخرى قال البصيرة ما يخلصك
من الحيرة وهي على ثلاث درجات الدرجة الأولى أن تعلم أن الخبر القائم بتمهيد الشريعة
يصدر عن عين لا يخاف عواقبها فترى من حقه أن تؤديه يقينا وتغضب له غيرة
ومعنى كلامه أن ما أخبر به الرسول صادر عن حقيقة صادقة لا يخاف
متبعها فيما بعد مكروها بل يكون آمنا من عاقبة اتباعها إذ هي حق ومتبع الحق لا خوف
عليه ومن حق ذلك الخبر عليك أن تؤدي ما أمرت به منه من غير شك ولا شكوى والأحوط بك
والذي لا تبرأ ذمتك إلا به تناول الأمر بإمتثال صادر عن تصديق محقق لا يصحبه شك وأن
تغضب على من خالف ذلك غيرة عليه أن يضيع حقه ويهمل جانبه
وإنما كانت الغيرة عند شيخ الإسلام من تمام البصيرة لأنه على
قدر المعرفةبالحق ومستحقه ومحبته وإجلاله تكون الغيرة عليه أن يضيع والغضب على من أضاعه
فإن ذلك دليل على محبة صاحب الحق وإجلاله وتعظيمه وذلك عين البصيرة فكما أن الشك القادح
في كمال الإمتثال معم لعين البصيرة فكذلك عدم الغضب والغيرة على حقوق الله إذا ضيعت
ومحارمه إذا انتهكت معم لعين البصيرة
قال الدرجة الثانية أن تشهد في هداية الحق وإضلاله إصابة العدل
وفي تلوين أقسامه رعاية البر وتعاين في جذبه حبل الوصل
يريد رحمه الله بشهود العدل في هدايته من هداه وفي إضلاله من
أضله أمرين
أحدهما تفرده بالخلق والهدى والضلال
والثاني وقوع ذلك منه على وجه الحكمة والعدل لا بالإتفاق ولا
بمحض المشيئة المجردة عن وضع الأشياء مواضعها وتنزيلها منازلها بل بحكمة اقتضت
هدى من علم أنه يزكو على الهدى ويقبله ويشكره عليه ويثمر عنده
فالله أعلم حيث يجعل رسالاته أصلا وميراثا قال تعالى وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا
أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين وهم الذين يعرفون قدر نعمته
بالهدى ويشكرونه عليها ويحبونه ويحمدونه على أن جعلهم من أهله فهو سبحانه ما عدل عن
موجب العدل والإحسان في هداية من هدى وإضلال من أضل ولم يطرد عن بابه ولم يبعد عن جنابه
من يليق به التقريب والهدى والإكرام بل طرد من لا يليق به إلا الطرد والإبعاد وحكمته
وحمده تأبى تقريبه وإكرامه وجعله من أهله وخاصته وأوليائه
ولا يبقى إلا أن يقال فلم خلق من هو بهذه المثابة
فهذا سؤال جاهل ظالم ضال مفرط في الجهل والظلم والضلال لأن خلق
الأضداد والمتقابلات هو من كمال الربوبية كالليل والنهار والحر والبرد واللذة والألم
والخير والشر والنعيم والجحيم
قوله وفي تلوين أقسامه رعاية البر
يريد بتلوين الأقسام اختلافها في الجنس والقدر والصفة من أقسام
الأموال والقوى والعلوم والأعمال والصنائع وغيرها قسمها على وجه البر والمصلحة فأعطى
كلا منهم ما يصلحه وما هو ألأنفع له برا وإحسانا
وقوله وتعاين في جذبه حبل الوصال