شخصية
ابن باديس شخصية غنية ثرية و من الصعوبة في حيز ضيق من الكتابة الإلمام
بكل أبعادها و آثارها ؛ فهو مجدد و مصلح يدعو إلى نهضة المسلمين و يعلم كيف
تكون النهضة. يقول:
« إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله و
رسوله إذا كانت لهم قوّة ، و إذا كانت لهم جماعة منظّمة تفكّر و تدبّر و
تتشاور و تتآثر ، و تنهض لجلب المصلحة و لدفع المضرّة ، متساندة في العمل
عن فكر و عزيمة. »
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
الشّيخ عبد الحميد ابن باديس (يسارا) و الشّيخ الطيّب العقبي ( يمينا)
وهو
عالم مفسّر ، فسّر القرآن الكريم كلّه خلال خمس و عشرين سنة في دروسه
اليومية كما شرح [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] خلال
هذه الفترة ، و هو سياسي يكتب في المجلات و الجرائد التي أصدرها عن واقع
المسلمين و خاصة في الجزائر و يهاجم فرنسا و أساليبها الاستعمارية و يشرح
أصول السياسة الإسلامية ، و قبل كل هذا هو المربي الذي أخذ على عاتقه تربية
الأجيال في المدارس والمساجد، فأنشأ المدارس واهتم بها، بل كانت من أهم
أعماله ، و هو الذي يتولى تسيير شؤون جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، و
يسهر على إدارة مجلة الشهاب ويتفقد القاعدة الشعبية باتصالاته المستمرة.
إن آثار ابن باديس آثار عملية قبل أن تكون نظرية في كتاب أو مؤلَّف ، و
الأجيال التي رباها كانت وقود معركة تحرير الجزائر ، و قليل من المصلحين في
العصر الحديث من أتيحت لهم فرص التطبيق العملي لمبادئهم كما أتيحت لابن
باديس ؛ فرشيد رضا كان يحلم بمدرسة للدعاة ، و لكن حلمه لم يتحقق ، و نظرية
ابن باديس في التربية أنها لا بد أن تبدأ من الفرد ، فإصلاح الفرد هو
الأساس .
و طريقته في التربية هي توعية هذا النشء بالفكرة الصحيحة كما
ذكر الشّيخ الإبراهيمي عن اتفاقهما في المدينة: "كانت الطريقة التي اتفقنا
عليها سنة 1913 في تربية النشء هي ألا نتوسع له في العلم و إنما نربيه على
فكرة صحيحة"
و ينتقد ابن باديس مناهج التعليم التي كانت سائدة حين تلقيه
العلم و التي كانت تهتم بالفروع و الألفاظ - فيقول: "و اقتصرنا على قراءة
الفروع [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] مجردة بلا نظر ،
جافة بلا حكمة ، وراء أسوار من الألفاظ المختصرة ، تفني الأعمار قبل الوصول
إليها" المصدر السابق ص141. أما إنتاجه العلمي فهو ما جمع بعد من مقالاته
في "الشهاب" و غيرها و من دروسه في التّفسير و الحديث لم يصلنا كل ما كتبه
أو كل ما ألقاه من دروس في التّفسير و الحديث. و قد جُمع ما نشر في
(الشهاب) من افتتاحيات تحت عنوان "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير"
بإشراف محمد الصالح رمضان ، و توفيق شاهين. و حاول الدّكتور عمار الطالبي
جمع آثاره كلها ، و لكن لا يزال هناك أشياء لم تُجمع.الكاتب تاهمي محمد