بَعض الناس يشبِهون الصَحراء بِوحشَتِها و شِدّة قبضِها
و بردِهَـا القارِس و عطشِها و جوعِها و فرَاغِها
لكنَّ بعضَهُم الآخَـر يشبِهون الحدائِقَ الغنّاء
بثَمرِها و وفرَةِ مائِها وجَمالِها ودِفء حضورِها
منْ هُم كالصحرَاء يحولُونَ أيَامَك الى عَالمٍ موحِش تملؤهُ
كوابيسُ النَهمِ الذي لا يشبع .. و يَسعى دائِماً لأنْ يُفرِغَ وجودَكَ
من إنسَانيتِه ، تسعَى معَهُم نحوَ دِفء المُشاركةِ الوجدانيَة فلا تجِد
سِوى برودَة الملامِح والمَشاعِر وقَسوةِ الكلامْ ، تحاولُ أن تصِلَ معَهُم
الى لحظَةِ صدقِ إنسانيَة فتكتَشِف بأنّك تَسعى نحوَ السَرابْ ، مع هؤلاء
تَصطدم بِواقعٍ مؤلِم مفَادُه أنّك لستَ سوى شيءٍ في حَياتِهم يُمكِنُهم أنْ
يدوسونَهُ حتى المَوت ليُلقوا بكَ في سلّة مُهمَلاتِهم
شتّانَ ما بينَ هؤلاءِ القاحِلين وما بينَ منْ يَشبِهون
الحديقَة الغنَاء ، فهُم يُشعِرونَك بأنّكَ في حيّاتِهم أصبَحت كلّ شيء ..
يَملأونَ حياتَك بالدفء لصدقِ مَشاعِرهم و عُمقِ عطاءِهم ، كلمَاتُهم تفِيضُ
عذوبَة ، يحيطُونَكَ بمودّة تُشعرُكَ بِأنَّك غالٍ ، بَل أنتَ أثمَنُ ما في الوجُود ..
مع هؤلاء يَتمتّعُ المرء بِدفء الأمومَة وحنَانِ الأبوّة وعُمقِ الأخوة
وصدقِ الصديق
صحيحُ أنَّ الطِباع البَشريّة ليست ملكُ أيدينا ، لكن لن
يصعُبَ علينَا أن نُميّزَ بين الخيرِ والشر .. لذلك فلنَمنَح أنفُسنا
المُهلة الكافيَة لنَختارَ من سيكونُونَ رفقاءَ الدربِ من
شُركَاء وأصدقاء وإلا سنجرُّ أذيالَ الخيبَةِ وراءَنا طوالَ العُمر مِن
جراءِ سوءِ الإختيَار ، حرامٌ علينا أن نستسلِمَ للظُلمِ وبرودةِ المشاعِر
والزيفِ والكذِب ، حرامٌ أن تستمرَ في العطاءِ لمَن يتمنونَ
لو أنّهم يدفنونكَ حيّاً
ودي
ي
س
و
ر