حادثة فريدة
من نوعها وقعت الأسبوع الماضي في مدينة نابلس، وانتشرت تفاصيلها كالنار في الهشيم
بين مواطنين هذه المدينة ، القصة بدأت من قبل خمسة عشر عاما عندما استشهد ( سمير
محمد شحادة ) في 22/12/1988 وفي وقتها طلبت والدة الشهيد ( أم سامر ) من أبنائها
الستة أن تدفن عند وفاتها في قبر إبنها الشهيد ( سمير).
لقد اقتضت
مشيئة الله عز وجل أن تحيا الحاجة ( أم سامر – والدة الشهيد ) خمسة عشر عاما بعد
استشهاد أحب أبنائها الستة الى قلبها ... سمير ... ولقد أرد الله عز وجل أن تكون
وفاة الحاجة ( أم سامر ) فرصة للمسلمين أجمعين وليس لأهالى مدينة نابلس فقط كي
يتزودوا بشحنة إيمانية ، جهادية ترفع من معنوياتهم .. وتحي هممهم وتحلق بهم
للعلياء... على وعسى أن تكون هذه الحادثة سببا في إيقاظ من هم في سبات عميق وغفلة
على ما هم فيه من واقع أليم لحال المسلمين أجمعين.
يقول (
عامر- شقيق الشهيد سمير ) : " قبل يومين من وفاة الوالدة رأيت في منامي رؤيا عجيبة
وجميلة أيقنت بها بأن أخي قد نال الشهادة بصدق، وأن والدتي سوف تلحق به عن قريب،
فلقد جائني في المنام أنني رأيت أناس يجتمعون في مكان بعيد، وعندما اقتربت منهم
رأيت من حولهم الجنان والبساتين ولقد أعدت موائد الطعام وكان بينهم فتاة حسناء،
فسألتهم عن تلك الفتاة ؟ فأشارو لي الى شاب بهي الطلعة ، واذ به شقيقي ( سمير ) ،
وعندما سألته لمن كل هذه الأطعمة والموائد ، أجابني ( لقد أعددتها لاستقبال
والدتنا.. فهي على الطريق الى هنا ).
كانت ( أم
سامر ) قبل وفاتها بأيام ترقد في المستشفى نتيجة وعكة صحية بسبب اصابتها بعدة
أمراض، وكان بجانبها ساعة وفاتها فجر الثلاثاء 23/09/2003 ابنها عامر الذي روى لنا
تفاصيل القصة، فقد نطقت الشهادتين ثم ارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة وأسلمت الروح
الى بارئها.
صهر العائلة
كان في تلك الأثناء نائم في بيته ولقد رأى في منامه الشهيد ( سمير ) يقول له
متسائلا : "القبر ولقد فتحتموه ... ولقد وسعت لها القبر .... فأين هي ؟ " ولم يوقظه
من النوم إلا جرس الهاتف من المستشفى يبلغه بوفاة الحاجة ( أم سامر ) ، فما كان منه
الا أن قال لهم " أسرعوا بدفنها الى جانب ابنها سمير".
يقول (
عامر- شقيق الشهيد سمير) ، توجهنا في الصباح الباكر الى المقبرة الغربية لنفتح
قبرأخي الشهيد لتجهيز القبر قبل دفن الوالدة كما أوصت في حياتها، وكنا قد استفتينا
عددا من الشيوخ والعلماء حول جواز دفنها في نفس قبر ابنها ، فأشارو لنا بجواز دفنها
في نفس القبر لطول المدة ، فقد كنا نعتقد أن مدة خمس عشر عاما كانت كافية لأن لا
يبقى من جسده سوف بعض العظام القليله، وكانت المفاجأه الكبرى ، عندما فتحنا القبر
فوجدنا (سمير) كهيئته يوم استشهاده .. وكانت ريحه ريح المسك، واللون لون الدم ،
وجسده كما هو لم يأكله الدود ، حتى ملابسه لم تتلف ، وكذلك العلم الفلسطيني الذي لف
به لم يتغير لونه، لمسنا خفه فإذا هو مبلل من مياه الأمطار التى تساقطت وقت
استشهاده .. وكذلك رأسه كان مبللا ولقد رأينا شعره ممشطا كما لو أنه قد سرحه قبل
لحظات، وزادت دهشتنا عندما هممنا بتحريكه لنفسح المجال لدفن الوالدة الى جانبه،
فإذا بجسده لا زال دافئا ودماؤه الحارة ذات اللون الأحمر القاني " تسيل من جديد
وكأنه أصيب قبل دقائق معدودة "
ويعيد عامر
ليكمل ما بدأه عن أحداث ذلك اليوم فيقول : " قبل أن نضع جثمان الوالدة في قبر (
سمير ) خشينا أن لا يتسع القبر لهما ، ولكن بمشيئة الله عز وجل تبدد خوفنا فلقد
وجدنا القبر واسعا رحبا تماما كما وصفه ( سمير ) لزوج أختي في منامه، وعندما وضعنا
الوالدة في القبر لاحظنا كبر إبتسامتها المرسومة على وجهها ، فلقد نالت ما تمنت في
حياتها رحمها الله، ولحقت أخيرا بإبنها وحبيبها ( سمير ) رحمهما الله وغفر لهم
وأدخلهم فسيح جناته.