لما تولى الحجاج
شؤون أرض العراق ، أمر أحد مرؤوسيه أن يطوف بالليل فمن وجده بعد العشاء ضرب عنقه ،
فطاف ليلة فوجد ثلاثة صبيان ، فأحاط بهم وسألهم : من أنتم حتى خالفتم الأمر ؟
فقال الأول :
أنا
ابن الذي دانت الرقاب له ما بين محزومها وهاشمها
تـأتي إلـيه الرقـاب صـاغرة يأخذ من مالها ومن دمـهـا
فأمسك عن قتله وقال
لعله من أقارب الأمير .
فقال الثاني :
أنا
ابن الذي لا يـنزل الـدهر قدره وإن نزلـت يوماً فسـوف تعـود
ترى
الناس أفواجاً إلى ضوء ناره فـمنهـم قـيـامٌ حــولـهـا وقـعـود
فتأخر عن قتله وقال
: لعله من أشراف العرب الكرام .
وقال الثالث :
أنا
ابن الذي خاض الصفوف بعزمه وقومهـا بالسيـف حتى استقامـت
ركـابــاه لا تــنـفـك رجـلاه مـنـهـما إذا الخيل في يوم الكريهـة ولـت
فترك قتله وقال :
لعله من شجعان العرب ، فلما أصبح رفع أمرهم إلى الحجاج وأحضرهم ، وكشف عن حالهم
فإذا
بالأول
ابن حجام ( حلاق ) .
والثاني
ابن بائع فول .
والثالث
ابن حائك ثياب .
فتعجب الحجاج من
قصائدهم وقال لجلسائه :
علموا أولادكم الأدب
فلولا فصاحتهم ، لضرب أعناقهم ثم أطلقهم وأنشد :
كن
ابن من شئت واكتسب أدباً يغـنك مـحـموده عن النـسـب
إن
الفــتــى مـن قـال هـا أنـذا ليس الفتى من يقول كان أبي