بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وبعد: فإن الأمة الإسلامية بحاجة ماسة للموضوعات التربوية لتعود إلى سابق مجدها، ومن أهمها (تربية الولد) وتكمن أهمية الموضوع في أنه محاولة لتقديم نموذج عملي قابل للتطبيق، وأنه مستمد من الوحيين وكتابات المفكرين، يعتمد الإيجاز ويتوخى سهولة العبارة ووضوح الأسلوب. ومع وفرة الكتب التربوية إلا أن وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد عملت على نشر هذه الرسالة لغايات منها: أن تكون صغيرة الحجم، سهلة الأسلوب، منبثقة من منهج الإسلام في التربية، قابلة للتطبيق، لأن الكتب التربوية قد تقدم نظريات مجرّدة، آو تجمع نصوصاً من الوحيين مع تعليقات يسيرة، وبعضها يذكر تطبيقات تربوية ولكن يعزف عنها القراء لطولها إذ يبلغ بعضها المئات. ومرت الكتب الجيدة في هذا المجال: كتاب (تربية الأولاد في الإسلام) للشيخ عبد اللّه ناصح علوان، وكتاب (التربية النبوية للطفل) للأستاذ محمد نور سويد، وكتاب (مسئولية الأب المسلم في تربية الولد) لعدنان باحارث، وكتب أخرى لا يتسع المجال لذكرها. وفي الأخير أسأل الله أن ينفع بهذا البحث، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم. ويتكون البحث من خمسة أبواب هي:
* الباب الأول: التربية في الإسلام: مفهومها ومكانتها وصفات المربي، إضافة إلى دور المسجد والمدرسة في التربية.
* الباب الثاني: من أهداف التربية في الإسلام: ومنها ترسيخ العقيدة، والتنشئة على العبادة، وبناء الشخصية، وإذكاء علو الهمّة، والتعليم وتنمية المواهب.
* الباب الثالث: أحكام الطفل في الإسلام: وفيه حكم الوأد والعقيقة والتسمية، وثبوت النسب والميراث، والنفقة والرضاعة، وحلق الشعر والختان، والحضانة والولادة.
* الباب الرابع: أنواع التربية ووسائلها: وفيه التربية بالملاحظة، والتربية بالعادة، والتربية بالإشارة، وبالموعظة، والتربية بالترغيب والترهيب. وأما الوسائل فهي: القدوة، والجليس الصالح، ومخترعات العلم الحديث، وعلم الوراثة والدوافع الفطرية.
* الباب الخامس: التربية الخاصة: وفيه تربية اليتيم والذكي والمريض، ثم الخاتمة وفيها أهم النتائج والتوصيات.
وقد اعتمدت الرسالة أسلوباً موجزاً رغبة في عموم الفائدة، سائلة الله أن ينفع بها وأن يجعلها في ميزان الحسنات .
الباب الأول
التربية في الإسلام
الفصل الأول
مفهوم التربية في الإسلام
التربية في اللغة: مشتقَّةٌ من الفعل (رَبَبْ) والاسم (الرَّب) ويطلق على: المالك والسيد المطاع والمصلح ( ) والتربية مأخوذة من المعنى الثالث وهو الإصلاح.
ومن تعريفات التربية في الاصطلاح: " تنشئةُ وتكوينُ إنسانٍ سليم مُسلم متكامل من جميع نواحيه المختلفة، من الناحية الصحية والعقلية والاعتقادية، والروحية الاعتقادية، والإدارية والإبداعية " ( )
" ومعنى التربية يشبه عمل الفلاح الذي يقلع الشوك: ويخرج النباتات الأجنبية من بين الزرع ليحسن نباته " ( )
الفصل الثاني
مكانة التربية في الإسلام
في دلت الآيات والأحاديث على فضل تربية الولد، ومنها قوله تعالى: { •• } ( )
قال قتادة - رحمه الله-: "تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله وأن تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم به وتساعدهم عليه، فإذا رأيت معصية قذعتهم عنها، وزجرتهم عنها " ( ) وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله يقول: { كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها... } ( ) ( ) .
وقال : { ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يُحطها بنصحه إلا لم يرح رائحة الجنة } ( ) ( ) .
وقال ابن عمر - رضي الله عنهما-: " أدب ابنك فإنك مسئول عنه، ماذا أدَّبته؟ وماذا علَّمته؟ وهو مسئول عن برّك وطواعيته لك " ( ) .
وأخبر النبي أن التربية خير من الصدقة فقال: { لأن يؤدِّب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع } ( ) ( ) كما أرشد إلى أن تعليم الولد الخُلُقَ الحسن أفضل من كل عطاء فقال: { ما نَحَل ( ) والدٌ ولداً أفضل من أدب حسن } ( ) .
وأما تربية البنات فهي حجاب عن النار، فعن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول الله { من كان له ثلاث بنات: يؤدبهن، ويكفيهن، ويرحمهن، فقد وجبت له الجنة. فقال رجل من بعض القوم: وثنتين يا رسول الله؟ قال:وثنتين } ( ) ( ) .
الفصل الثالث
صفات المربي الناجح
للمربي الناجح صفات كلما ازداد منها زاد نجاحه في تربية ولده بعد توفيق الله، وقد يكون المربي أباً أو أماً أو أخاً أو أختاً أو عماً أو جداً أو خالاً، أو غير ذلك، وهذا لا يعني أن التربية تقع على عاتق واحد، بل كل من حول الطفل يسهم في تربيته وإن لم يقصد.
وصفات المربي كثيرة أهمها: العلم، والأمانة، والقوة، والعدل، والحرص، والحزم، والصلاح، والصدق، والحكمة.
1- العلم
عُدَّةُ المربي في عملية التربية. فلا بد أن يكون لديه قدر من العلم الشرعي، إضافة إلى فقه الواقع المعاصر.
والعلم الشرعي: هو علم الكتاب والسنة، ولا يُطلب من المربي سوى القدر الواجب على كل مكلف أن يتعلمه، وقد حدده العلماء بأنه "القدر الذي يتوقف عليه معرفة عبادة يريد فعلها، أو معاملة يريد القيام بها، فإنه في هذه الحال يجب أن يَعرف كيف يتعبد الله بهذه العبادة وكيف يقوم بهذه المعاملة" ( )
وإذا كان المربي جاهلاً بالشرع فإن أولاده ينشئون على البدع والخرافات، وقد يصل الأمر إلى الشرك الأكبر- عياذا بالله-.
ولو نظر المتأمل في أحوال الناس لوجد أن جل الأخطاء العَقَدية والتعبدية إنما ورثوها عن آبائهم وأمهاتهم، ويَظَلّون عليها إلى أن يقيّض الله لهم من يعلمهم الخير ويربيهم عليه، كالعلماء والدعاة والإخوان الصالحين أو يموتون على جهلهم.
والمربي الجاهل بالشرع يحول بين أبنائه وبين الحق بجهله؛ وقد يعاديه لمخالفته إياه، كمن يكره لولده كثرة النوافل أو ترك المعاصي أو الأمر بالمعروف أو طلب العلم أو غير ذلك.
ويحتاج المربي أن يتعلم أساليب التربية الإسلامية ويدرس عالم الطفولة؛ لأن لكل مرحلة قدرات واستعدادات نفسية وجسدية، وعلى حسب تلك القدرات يختار المربي وسائل زرع العقيدة والقيم وحماية الفطرة السليمة ( ) ولذا نجد اختلاف الوسائل التربوية بين الأطفال إذا اختلفت أعمارهم، بل إن الاتفاق في العمر لا يعني تطابق الوسائل التربوية؛ إذ يختلف باختلاف الطبائع.
وعلى المربي أن يعرف ما في عصره من مذاهب هدَّامة وتيارات فكرية منحرفة، فيعرف ما ينتشر بين الشباب والمراهقين من المخالفات الشرعية التي تَفدُ إلينا؛ ليكون أقدر على مواجهتها وتربية الأبناء على الآداب الشَرعية.
2- الأمانة
وتشمل كل الأوامر والنواهي التي تضمنها الشرع في العبادات والمعاملات ( ) ومن مظاهر الأمانة: أن يكون المربي حريصاً على أداء العبادات، آمراً بها أولاده، ملتزماً بالشرع في شكله الظاهر وفي الباطن، فيكون قدوة في بيته ومجتمعه، متحلياً بالأمانة، يسلكُ في حياته سلوكاً حسناً وخُلُقا فاضلا مع القريب والبعيد في كل حال وفي كل مكان؛ لأن هذا الخُلُق منبعه الحرص على حمل الأمانة بمعناها الشامل.
3- القوة
أمرٌ شامل فهي تفوّقٌ جسديّ وعقليٌّ وأخلاقيٌّّ، وكثير من الآباء يتيسر لهم تربية أولادهم في السنوات الأولى، لأن شخصياتهم أكبر من شخصيات أولادهم ( ) ولكن قليلٌ أولئك الآباء الذين يَظلون أكبر وأقوى من أبنائهم ولو كبروا.
وهذه الصفة مطلوبة في الوالدين ومن يقوم مقامهما، ولكن لا بد أن تكون للأب وهي جزء من القوامة، ولكن ثمة خوارق تكسر قوامة الرجل وتضعف مكانته في الأسرة، منها:
* أن تكون المرأة نشأت في بيت تقوده المرأة، والرجل فيه ضعيف منقاد، فتغتصب هذه المرأة القوامة من الرجل بالإغراء، أو التسلط وسوء الحلق، واللسان الحاد ( ).
* أن تعلن المرأة أمام أولادها التذمر أو العصيان، أو تتهم الوالد بالتشدد والتعقيد، فيرسخ في أذهان الأولاد ضعف الأب واحتقار عقليته ( ).
* أن تَعرض المرأة على زوجها أمراً فإذا أبى الزوج خالفته خفية مع أولادها، فيتعود الأولاد مخالفة الوالد والكذب عليه.
ولا بد أن تسلم المرأة قيادة الأسرة للرجل، أباً كان أو أخاً كبيراً أو خالاً أو عماً، وعليها أن تنقاد لأمره ليتربى الأولاد على الطاعة، وإن مَنَعَ شيئاً فعليها أن تطيع ( ) وإن خالفه بعض أولادها فيجب أن تخبر الأب ولا تتستر عليه لأن كثيراً من الانحرافات تحدث بسبب تستُّر الأم.
وفي بعض الأحوال تصبح الأم في حيرة، كأن يطلب الأولاد شيئاً لا يمنعه الشرع ولا الواقع، ولكن الأب يمانع لرأي يراه قد يفصح عنه وقد يكتمه، فيحاول الأولاد إقناع الأب فلا يقتنع، ففي هذه الحال لا بد أن تطيع المرأة، وتطيّب نفس أولادها وتبين لهم فضل والدهم ورجاحة عقله، وتعزيهم بما في الحياة من أحداث تشهد أن للوالدين إحساساً لا يخيب، وهذا الإحساس يجعل الوالد أحياناً يرفض سفر ولده مثلاً، ثم يسافر الأصدقاء فيصابون بأذى فيكون رفض الوالد خيراً وذلك بسبب إحساسه.
4- العدل
وقد كان السلف خير أسوة في العدل بين أولادهم، حتى كانوا يستحبون التسوية بينهم في القُبَل ( ) وعاتب النبي رجلاً أخذ الصبي وقبَّله ووضعه على حجره ولما جاءت بنته أجلسها إلى جنبه، فقال له: { ألا سوَّيت بينَهما } وفي رواية: { فما عدلت بينهما } ( ) .
والعدل مطلوبٌ في المعاملة والعقوبة والنفقة والهبَة والملاعبة والقُبَل، ولا يجوز تمييز أحد الأولاد بعطاء لحديث النعَمان المشهور حيث أراد أبوه أن يهبه دون إخوته، فقال له النبي { أشهد غيري فإني لا أشهد على جور } ( ) ( ) إلا أن هناك أسباباً تبيح تمييز بعض الأولاد كاستخدام الحرمان من النفقة عقاباً، وإثابة المحسن بزيادة نفقته، أو أن يكون بعضهم محتاجاً لقلة ماله وكثرة عياله ( ).
ولا يعني العدل تطابق أساليب المعاملة، بل يتميز الصغير والطفل العاجز أو المريض ( ) وذلك لحاجتهما إلى العناية. وكذلك الولد الذي يغيب عن الوالدين بعض أيام الأسبوع للدراسة أو العمل أو العلاج، ولابد أن يبيّن الوالدان لبقية الأولاد سبب تمييز المعاملة بلطف وإشفاق، وهذا التميز ليس بالدرجة الكبيرة ولكن فرق يسير بين معاملة هؤلاء ومعاملة البقية، وهذا الفرق اليسير يتسامح الإخوة به ويتجاوزون عنه.
ومما يزرع الكراهية في نفوس الإخوة تلك المقارنات التي تُعقد بينهم، فيُمدح هذا ويُذم هذا، وقد يقال ذلك عند الأصدقاء والأقارب فيحزن الولد المذموم ويكره أخاه.
والعدل ليس في الظاهر فقط، فإن بعض الناس يعطي هذا خفية عن إخوته وهذا الاستخفاء يعلِّمُ الطفل الأنانية والتآمر ( ).
5- الحرص
وهو مفهوم تربوي غائبٌ في حياة كثير من الأسر، فيظنون أن الحرص هو الدلال أو الخوف الزائد عن حده والملاحقة الدائمة، ومباشرة جميع حاجات الطفل دون الاعتماد عليه، وتلبية جميع رغائبه.
والأم التي تمنع ولدها من اللعب خوفاً عليه، وتطعمه بيدها مع قدرته على الاعتماد على نفسه، والأب الذي لا يكلف ولده بأي عمل بحجة أنه صغير كلاهما يفسده ويجعله اتكالياً ضعيف الإرادة، عديم التفكير. والدليل المشاهَد هو: الفرق الشاسع بين أبناء القرى والبوادي وبين أبناء المدينة ( ) والحرص الحقيقي المثمر: إحساس متوقد يحمل المربي على تربية ولده وإن تكبَّد المشاق أو تألم لذلك الطفل. وله مظاهر منها:
(أ) الدعاء: إذ دعوة الوالد لولده مجابة لأن الرحمة متمكنة من قلبه فيكون أقوى عاطفة وأشد إلحاحا ( ) ولذا حذر الرسول الوالدين من الدعاء على أولادهم فقد توافق ساعة إجابة.
(ب) المتابعة والملازمة: لأن العملية التربوية مستمرة طويلة الأمد، لا يكفي فيها التوجيه العابر مهما كان خالصاً صحيحا ( ) وقد أشار إلى ذلك النبي حيث قال: { الزمُوا أولادكم.. وأحسنوا آدابهم } ( ) .
والملازمة وعدم الغياب الطويل عن البيت شرط للتربية الناجحة، وإذا كانت ظروف العمل أو طلب العلم أو الدعوة تقتضي ذلك الغياب فإن مسئولية الأم تصبح ثقيلة، ومن كان هذا حاله عليه أن يختار زوجة صالحة قوية قادرة على القيام بدور أكبر من دورها المطلوب.
6- الحزم
وبه قوام التربية، والحازم هو الذي يضع الأمور في مواضعها، فلا يتساهل في حال تستوجب الشدة ولا يتشدد في حال تستوجب اللين والرفق ( ).
وضابط الحزم: أن يُلزم ولده بما يحفظ دينه وعقله وبدنه وماله، وأن يحول بينه وبين ما يضره في دينه ودنياه، وأن يلزمه التقاليد الاجتماعية المرعيَّة في بلده ما لم تعارض الشرع. قال ابن الجوزي - رحمه الله-: "فإنك إن رحمت بكاءه لم تقدر على فطامه، ولم يمكنك تأديبه، فيبلغْ جاهلاً فقيراً" ( ).
وإذا كان المربي غير حازم فإنه يقع أسير حبه للولد، فيدلّله، وينفذ جميع رغائبه، ويترك معاقبته عند الخطأ، فينشأ ضعيف الإرادة منقاداً للهوى، غير مكترث بالحقوق المفروضة عليه ( ).
وليس حازماً من كان يرقب كل حركة وهمسة وكلمة، ويعاقب عند كل هفوة أو زلّة، ولكن ينبغي أن يتسامح أحيانا ( ).
ومن مظاهر الحزم كذلك عدم تلبية طلبات الولد؛ فإن بعضها ترف مفسد، كما أنه لا ينبغي أن ينقاد المربي للطفل إذا بكى أو غضب ليدرك الطفل أن الغضب والصياح لا يساعده على تحقيق رغباته ( ) وليتعلمَ أن الطلب أقرب إلى الإجابة إذا كان بهدوء وأدب واحترام.
ومن أهم ما يجب أن يحزم فيه الوالدان النظام المنزلي، فيحافظ على أوقات النوم والأكل والخروج، وبهذا يسهل ضبط أخلاقيات الأطفال، "وبعض الأولاد يأكل متى شاء وينام متى شاء ويتسبب في السهر ومضيعة الوقت وإدخال الطعام على الطعام، وهذه الفوضوية تتسبب في تفكك الروابط واستهلاك الجهود والأوقات، وتنمي عدم الانضباط
في النفوس.. وعلى رب الأسرة الحزم في ضبط مواعيد الرجوع إلى المنزل والاستئذان عند الخروج للصغار - صغار السن أو صغار العقل- " ( ) .
7- الصلاح
فإن لصلاح الآباء والأمهات أثر بالغ في نشأة الأطفال على الخير والهداية- بإذن الله- وقد قال سبحانه: { } ( ) وفيه دليل على أن الرجل الصالح يُحْفَظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم، ورفع درجتهم إلى درجته في الجنة لتقر عينه كما جاء في القرآن ووردت به السنة ( ) ومن المشاهَد أن كثيراً من الأسر تتميز بصلاحها من قديم الزمن وإن ضل ولد أو زلَّ فَاءَ إلى الخير بعد مدة؛ لصلاح والديه وكثرة طاعتهما لله. وهذه القاعدة ليست عامة ولكن هذا حال غالب الناس. وقد يظن بعض الناس أن هذا لا أثر له، ويذكرون أمثلة مخالفة لذلك، ليبرروا تقصيرهم وضلالهم.
9- الصدق
وهو "التزام الحقيقة قولاً وعملاً"، والصادق بعيد عن الرياء في العبادات، والفسق في المعاملات، وإخلاف الوعد وشهادة الزور، وخيانة الأمانات ( ).
وقد حذر النبي المرأة المسلمة التي نادت ولدها لتعطيه، فسألها: { ماذا أردت أن تعطيه؟ قالت: أردت أن أعطيه تمراً، فقال: لو لم تعطيه شيئا كُتبت عليكِ كذبة } ( ) ( )
ومن مظاهر الصدق ألا يكذب المربي على ولده مهما كان السبب؛ لأن المربي إذا كان صادقاً اقتدى به أولاده، وإن كان كاذباً ولو مرة واحدة أصبح عمله ونصحه هباء، وعليه الوفاء بالوعد الذي وعده للطفل، فإن لم يستطع فليعتذر إليه ( ).
وبعض الأطفال يتعلم الرياء بسبب المربي الذي يتظاهر أمام الناس بحال من الصلاح أو الخلق أو الغنى أو غيرهما ثم يكون حاله خلاف ذلك بين أسرته ( ).
9- الحكمة
وهي وضع كل شيء في موضع، أو بمعنى آخر: تحكيم العقل وضبط الانفعال، ولا يكفي أن يكون قادراً على ضبط الانفعال واتباع الأساليب التربوية الناجحة فحسب، بل لابد من استقرار المنهج التربوي المتبع بين أفراد البيت من أم وأب وجد وجدة وإخوان وبين البيت والمدرسة والشارع والمسجد وغيرها من الأماكن التي يرتادها؛ لأن التناقض سيعرض الطفل لمشكلات نفسية ( ).
وعلى هذا ينبغي تعاون الوالدين واتفاقهما على الأسلوب التربوي المناسب، وإذا حدث أن أمر الأب بأمر لا تراه الأم فعليها أن لا تعترض أو تسفِّه الرجل، بل تطيع وتنقاد ويتم الحوار بينهما سراً لتصحيح خطأ أحد الوالدين دون أن يشعر الطفل بذلك.
الفصل الرابع
دور المسجد والمدرسة في التربية
للمسجد والمدرسة دور تربوي فعال إذا تم التعاون بينهما ولم يظهر التناقض، وهناك وسائل تعين المسجد على أداء رسالته منها:
(1) أن يلمس الطفل من المربي محبة المساجد وتعظيمها ( ). فإذا سمع الأذان أنصت أهل البيت ورددوا معه وأمروا الطفل بتقليده، فعند ذلك ينتبه الطفل لهذا الصوت المتكرر، ويقترن بالصلاة لأنه يرى مبادرة أهل البيت إلى الصلاة، ويصير الأذان بذلك منبهاً نفسياً للصلاة يعيش في ضمير الطفل. ويحسن بالأم أن تُلفت نظر الطفل إلى شكل المسجد وتريه صورته وترسمها معه، وتخبره أنه إذا كَبُر ذهب إلى المسجد للصلاة، وعلى الأب أن يذكر فضل المساجد وثواب المصلين فيها، ويمدح المحافظين على صلاة الجماعة من أهل البيت أو الجيران والمعارف ( ).
(2) أن يصحب والده إذا أحب ذلك وبعد أن يكون قد تعلم آداب قضاء الحاجة ( ) وإن أحدث شَغَباً فلا يمنع من الحضور، بل يُعَلّم ويوجَّه.
(3) أن يؤمر بالصلاة إذا مَيَّز، ويطالبه المربي بالصلاة مع الجماعة، ويأمره بما تصح به الصلاة من طهارة وستر عورة وطمأنينة وغير ذلك مما يكون شرطاً لصحة الصلاة ( ).
(4) أن يُعَامَلَ الطفل معاملة حسنة من أهله وإمام المسجد ومؤذنه ومن المصلين، وإذا رأوا شيئاً ينكرونه من الحركات فعليهم أن يغضوا أبصارهم ويعلموه برفق ولين، كما يجب عليهم التلطف له والتبسم في وجهه ( ) والثناء عليه والسؤال عنه والسلام عليه وإهداؤه الهدايا، وإذا حضر مبكراً فلا ينبغي تأخيره عن مكانه ولو كان في الصف الأول. وفي ذلك فوائدٌ منها: أنه إذا أخِّر إلى الصفوف الأخيرة اجتمع الأطفال فكثر العبث وشوشوا على من حولهم ( ) كما أنه يتعلم السنن الشرعية من مجاورته للكبار، ويحس بالكرامة والعزة والاحترام لوجوده بينهم.
(5) أن يُلحق بحلق تحفيظ القرآن لتتوثق علاقته بالمسجد وبأهل الحي وليتعرف على رفقة صالحة، وليُشغل وقت العصر، الذي يضيع في اللعب في الشوارع أو مشاهدة التلفاز.
(6) أن يأخذه والده لحضور الدروس والمحاضرات المقامة في المسجد.
* دور المدرسة التربية:
وأما المدرسة فلها اليوم دور أكبر من دور المسجد، وتعد المؤسسة التربوية الثانية، لأنها تحتوي الطفل مدةً أطول، وتتيح له فرصة الحصول على أقران.
* وتكمن أهمية المدرسة في ثلاثة جوانب:
أ- البناء الاجتماعي: يتساوى الطلاب في المدرسة ولا يتميز أحد منهم إلا بالتفوق العلمي أو الأخلاقي أو كليهما ( ) وبهذا يجد الطفل المنبوذ في أسرته ترحيباً في المدرسة وفرصةً لاكتساب التفوق لتظهر له شخصية محبوبة لم تظهر له في أسرته، كما أنه يندمج في مجموعة من أترابه تختلف شخصياتهم فيتعلم مبادئ التعامل واحترام الآخرين ومراعاة مصلحة الجماعة، هذا إضافة إلى الانضباط الذي يتعلمه من خلال اللعب الجماعي والأنشطة المدرسية، وتظهر فيهم شخصيات قيادية ذات قدرة على تحمل المسؤولية.
ب- البناء الأخلاقي: تقوم المدرسة بدور فعال في بناء الأخلاق إذا اختار المربي مدرسةً فيها مدرسون أتقياء وأمناء ملتزمون بالشرع ( ) وتضم كذلك قرناء صالحين.
ويجب أن تتوحد أو تتقارب التوجيهات الأخلاقية التي تهتم بها الأسرة والمدرسة وإذا عرف المربي أن المدرسة تزرع العادات الحسنة فعليه أن يدعمها، أما إن كانت تلك العادات سيئة فيجب أن يتصل بالمدرسة وأن يحاول إقناع ولده بأن البشر كلهم عرضة للخطأ، ويقنعه بسوء هذه العادة وقبحها، كما يجب على المربي أن يسأل عن أخلاقيات ولده وسلوكه في المدرسة.
ج- الإعداد الوظيفي: ليس المقصود بالإعداد الوظيفي تأهيل الطفل لممارسة مهنة تنفعه وتنفع أمته، بل يتسع المفهوم ليشمل تأهيل المرأة لتكون زوجة وأمّاً قبل كل شيء، وتأهيل الذكر ليكون عضواً صالحاً في المجتمع وأباً مسئولاً وصاحب مهنة شريفة. والذي نفتقده إعداد المرأة لحياة الزوجية والأمومة، وكل الدول عادةً توحّد المناهج بين الذكور والإناث عدا بعضها، إذ تُخصص لذلك مادة بمعدل حصتين في الأسبوع للتدبير المنزلي والتربية الفنية، ولذا يقترح بعض المربين توسيع هذه المادة مقابل تقليص بعض المواد التي لا تحتاجها المرأة ( ) وإضافة مناهج تعلّم الفتاة حقوق الزوج وآداب التعامل وأساليب التجمُّل، وطرق تأثيث المنزل وغيرها مما تحتاجه المرأة.
ولكي تقوم المدرسة بدورها يجب على المربي أن يعوِّد أبناءه احترام المدرسة والمعلّم وتوقيره إلا أن يكون كافراً أو مبتدعاً أو فاسقاً ( ).
* * *
الباب الثاني
من أهداف التربية
الفصل الأول
ترسيخ العقيدة وتحقيق العبودية
في كل أمر من أمور الحياة
يُعد هذا الهدف أهم أهداف التربية الإسلامية وكل الأهداف تنبثق منه، وقد جبل الله النفوس على التوحيد ولكنها تحتاج أن تتعلم أصول الإيمان وجزيئاته، وأصْلَحُ أوقات غرس العقيدة السنواتُ الأولى في حياة الطفل؛ لأنه يصغي إلى المربي بكل جوارحه، ويقبلها دون نقاش ( ) كما أن خياله الواسع يساعده على تخيل الجنّة والنار وأهوال القيامة والملائكة وعالم الجن وغيرها مما يتصور.
* وهناك عدة وسائل لتحقيق وغرس العقيدة وهي:
1- ترسيخ العقيدة الصحيحة عن طريق التلقين: أولُ ما يلقّن الطفل كلمة التوحيد، إذ أن السلف يعلمون الطفل في أول حياته كلمة التوحيد، ويؤذِّنون في أذنيه عند ولادته، ليكون أول ما يقرع سمعه. وقد قال النبي { افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله } ( )
ثم يُعَلّم القرآن "وَتَعَلُّمُ الصِّبيان القرآن أصل من أصول الإسلام، فينشئون على الفطرة ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكّن الأهواء منها" ( ) وهو خير من تعليم الجدل والفلسفة ( ) وقد يسر الله تعالى حفظ القرآن، وإن الصبي ليحفظ منه كثيراً بقليل من الجهد ولو حاول حفظ غيره من العلوم لقضى في ذلك أضعاف ما يقضيه في حفظ القرآن ( ) ثم إن قصاره تشتمل على أصول الإيمان ( ) فيبدأ الطفل بحفظها وتدبر معانيها.
ثم مع حفظ القرآن يُعَلَّم السيرة النبوية والمغازي وسير الصحابة والتابعين وحكايات الأبرار والصالحين ( ).
كما على المربي أن يحدث الطفل عن حقائق الإيمان ويجيب على أسئلته بصدق، مهتدياً بالرسول حين حدّث ابن عمر - رضي الله عنهما- فقال: { يا غلام احفظ الله يحفظك... } ( ) ( ) وقد كان الصغار يحضرون الجمعة والجماعات ويسمعون حديث الرسول وعلى المربي أن يحدّث الطفل عن الجنة والنار، ويصفها بأوصاف يفهمها الطفل فيتخيلها، ويرسخ في ذهنه وجودهما.
2- ترسيخ العقيدة عن طريق تعليمه الأذكار: وليس المراد فقط أن يحفظ أذكار الأحوال والمناسبات من أكل وشرب ونوم ويقظة، بل يعلمه الدعاء وطلب الحاجة من الله، وإذا مشى في الظلام علِّمه ذكر الله والاستئناس به، والتسمية عند الفزع، والدعاء عند المرض، حتى يتعلم الاستغاثة، ويعلمه الرُّقية الشرعية والتوكل على الله وطلب الحاجة منه وحده.
3- ترسيخ العقيدة عن طريق التدبر: بأن يلفت نظر الطفل إلى مظاهر الكون وارتباطها بالتوحيد، وهذا الربط يشعر الطفل بالتوازن النفسي، ويحس بأنه جزء من أجزاء الكون المتناسقة ( ) ويبين له أن هذا الكون بكل ما فيه يسبَح لله، ويرشده إلى التسبيح ليكون مع الركب المسبّح.
كما أن المربي يستطيع تعليم الطفل صفات الله وأسمائه عن طريق التدبر في جمال الكون وعظمة الطبيعة ونظامها ( )
"واعلم أن ما ذكرناه... ينبغي أن يقدم للطفل في أول نشوئه ليُحفظ حفظاً، ثم لا يزال ينكشف له معناه في كبره شيئَاَ فشيئاً، فابتداؤه الحفظ ثم الفهم ثم الاعتقاد والإيمان والتصديق به، وذلك مما يحصل في الصبي بغير برهان " ( )
4- حمايته من الشرك ووسائله: فإن بعض الناس يلفت نظر الطفل إلى رقابة الناس والاستخفاء ببعض الأمور، ويجعل الطفل مهتمًّا برضا الناس خائفاً من سخطهم، ويتكرر هذا حتى يغلب على مراقبة الله والاهتمام برضاه والخوف من سخطه، فيتعلم الرياء، ويعمل طلباً لرضا الناس وإن غابوا عنه لم يعمل أي عمل، أو يعمل عادةً دون ابتغاء الأجر من الله ( ).
الفصل الثاني
التنشئة على العبادات
القلبية والبدنية والأخلاق الفاضلة
يسعى المربي الناجح إلى تنشئة ولده على العبادات ليضمن تعلقه بالدين وليحفظه من الانحراف، ومن الخطأ أن نهمل الطفل ثم نلزمه بالتكاليف الشرعية بعد بلوغه، وقد ذكر العلماء أن تعليم المميِّز الصلاة لا لوجوبها عليه ولكن ليتعود عليها حتى إذا بلغ الحُلم كانت الصلاة يسيرة عليه وتعلق قلبه بها ولم يقدر على تركها.
والصلاة أهمُّ عبادة قلبية بدنية يجب تعويد الطفل عليها، فإن كان ذكراً أمرَ بالصلاة مع الجماعة ( ) وهو ابن سبع سنين، ويؤمر بها إلى أن يبلغَ العشر، فإذا بلغ العشر وترك الصلاة عوقب بالضرب.
وعلى الأب أن يأمر أولاده بالصلاة إذا دخل وقتها، ويذكرهم بالله ويرغَبهم ويخوفهم ثم يدعوهم إلى الوضوء ويأخذهم معه إلى المسجد أو يشترط عليهم أن يراهم قريباً منه.
ويجب أن يلزمهم بكل ما يُشترط لصحة الصلاة من طهارة وخشوع وستر عورة وغيرها ( ).
وقد يكره بعض المميزين الصلاة في المسجد؛ لأن والده يأخذه إلى المسجد مبكراً فينتظر عشر دقائق أو أكثر، وهو يسمع أصوات الأطفال في الخارج، ويؤمر بالجلوس وقراءة القرآن وهو الصبي المحب للحركة، والوسط خير، فإذا كان عمره أقل من الثالثة عشر عاماً فإنه يؤمر بالصلاة ويشترط والده أن يصلي قريبَا منه ويترك له الحرية في التبكير أو التأخير إلى وقت إقامة الصلاة، وإذا كان بلغ الثالثة عشر فالواجب أن يأخذه منذ أن يؤذن أو يتركه يأتي بمفرده إلا أنه يجب أن يحرص على التأكد من حضوره للصلاة.
كما عليه أن يعودهم على العبادات المختلفة اهتداءً بمن سلف، فقد كان الصحابة- رضوان الله عليهم- يصوِّمون أولادهم ويعطونهم اللعب ليتلهَّوا عن الجوع، ويصلون معهم الجمعة والتراويح والعيدين، ويؤذنون، ويحجون معهم، كل ذلك على سبيل التدريب والتعليم ( ).
وأفضل الوسائل للتعويد على العبادات مكافأة الصبي وترغيبه وتشجيعه على الإكثار من العبادات على منهج وسط، ويرغَّب في الثواب الأخروي، يربط بالقدوة الأول ولكن ينبغي الحذر من الإكثار من مكافأته حتى لا يرتبط بالهدايا، بل يرتبط باللّه سبحانه وتعالى، ومع استمرار العبادات يوجه الطفل إلى الخشوع وإحسان العمل وتصحيحه من الخطأ.
وأما التنشئة على الأخلاق الفاضلة فهي جزء من الدين، لأن المسلم إنما يتحلى بالخُلق ابتغاء الجزاء من الله سبحانه ( ).
والتنشئة الخلقية تحتاج إلى مراحل هي:
(1) غرس العادات في مرحلة مبكرة فإن الطفل "ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حر ( ) وغضب ولجاج وخفة مع هواه، وطيش وحدّة وجشع، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك " ( ) ومما يعين على جعل الطفل ذا طبيعة هادئة مراعاة حاجاته الفطرية، فيرضع في وقت طلبه لأن التأخير الشديد يجعله متوتراً، وعدم قطعه من الرضاعة حتى يرتوي، فكثرة الانقطاع عن الرضاعة والقيام عنه مرات يجعله سريع الانفعال، وملاعبته حتى في أيامه الأولى يجعله متزناً وكذلك تنويمه في الوقت الذي يريد في بداية الأمر، وإذا بكى الطفل من الجوع أو المرض يترك قليلاً ليتعود الصبر، وإذا طلب شيئَاَ قريباً منه أرشد إلى خدمة نفسه ليتعود الجد والاعتماد على النفس، وإذا شاهد فقيراً بين له المربي حاله ليرحمه ويشفق عليه، فيتعلم الرحمة والتواضع، وهكذا يمكن للمربي أن يعوده على الفضائل في السنوات الخمس الأول.
(2) إلزامه الأحكام والآداب الشرعية كآداب الطعام واللباس والاستئذان والنوم وكافة الآداب التي وردت، ويكون هذا التعويد في السنوات الأولى، ويمنعه من مفسدات الأخلاق، ومن المعاصي، وإن أكبر ما يفسدها أشعار الغزل والأغاني إذ تبذرُ فيه بذرة الفساد، ويُلحق بها الروايات والقصص الغرامية والأفلام المفسدة، ويجب أن يحرص الوالدان على حماية أبنائهم من رؤية ما يخدش الحياء سواءً في وسائل الإعلام أو في البيت، فتكون علاقتهما الجنسية في غاية السرية لأن الطفل الصغير الذي ينام مع والديه يرى من الأمور ما يجعله يقلد والديه تقليداً بريئاً، فإذا زجره المربي عن تلك الحركات أحس أنها خطأ يستخفي به الأبوان ولذا كان أحد الصحابة يخرج الرضيع من الحجرة إذا أراد أهله.
(3) ويجب أن يجنبه لبس الحرير- إذا كان ذكراً- والذهب والتنعم لأن ذلك يعوده على فعل الحرام والتشبه بالنساء ( ) ويمنع من قص الشعر تشبهاً وكذلك الصبيَّة تمنع من التشبه بالرجال أو الكفار، وهذا باب واسع، والأصل فيه إلزام الطفل بكل حلال ومنعه من كل حرام، ويأثم وليه بتمكينه من المعاصي دون الصبي ( ) وقد يقول قائل: إنك تلزم ولدك بالشرع ثم ما يلبث أن يشتد عوده فيترك ما كان يفعله خوفاً منك أو احتراماً لك، فنقول ليس شرطاً أن يحدث ذلك، ثم إن إلزام المربي ولده بذلك هو واجبه الذي أمر الله به، وقد يكون الإلزام بذلك بدايةً للتعود ثم يصبح الطفل رجلا عاقلا ذا دين يفعل ما أمر به ابتغاء الثواب، وهب أنه ترك كل ما ألزمه به المربي فإنه تكون الذمة قد برئت منه.
(4) حثه على مكارم الأخلاق مع ربه أولاً، ثم مع الناس والحيوان والجماد؛ لأن الأخلاق تشمل ذلك كله ( ) وهذا الحث يجب أن يكون بالتلقين وتكوين العاطفة التي تدفع إلى التطبيق ابتغاء الأجر، وتقوية إرادته ليقدر على قهر الهوى وضبط النفس ( ) فيقال: إن الصدق خلق حسن، يقود صاحبه إلى الخير، ويُحكى له قصص الصادقين وجزاءهم في الدنيا والآخرة، وبهذا يحب الصدق وتتكون لديه عاطفة تدفعه للصدق، ولابد أن يتسلح بالإرادة والعزيمة.
الفصل الثالث
بناء الشخصية الاجتماعية
يعتمد بناء الشخصية الاجتماعية على شقّين، (الأول): إشباع حاجاته النفسية، و(الثاني): إعداده لممارسة حياته المستقبلية.
1- إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية
إن هذه الحاجات قد يعيش الإنسان بدونها، ولكن لن يكون شخصاً سوياً أبداً إذا فقدها أو فقد بعضها، وسنعرضها باختصار:
(أ) حاجته إلى الاحترام والتقدير والاستقلال
وإشباع هذه الحاجة يعني قَبوله اجتماعياً وزرع الثقة به واكتساب ثقته، وقد حفلَت السنّة بمظاهر احترام الطفل: كسلام النبي على الصبيان ( ) ومنادتهم بكُنىً جميلة ( ) واحترام حقوقهم في المجالس فقد استأذن النبي الغلام أن يُعطي الأشياخ قبله، وكان هو الجالس عن يمين الرسول ( ).
والاحترام لابد أن يكون نابعاً من قلب الوالدين وليس مجرد مظاهر جوفاء، فالطفل وإن كان صغيراً فإنه يفهم النظرات الجارحة والمحتقرة ويفرق بين ابتسامة الرضا والاستهزاء. وإضافة إلى السلام عليه ومناداته بأحب الأسماء واحترام حقوقه، إجابة أسئلته وسماع حديثه وشكره إذا أحسن والدعاء له والثناء عليه وإعطائه فرصة للدفاع عن نفسه وإبداء رأيه وسماع مشورته.
وأما في مرحلة الطفولة المتأخرة فيجب أن يتفاعل المربي مع ولده تفاعلاً عاطفياً وعملياً، إذ يصادقه ويرافقه في السفر ويشاركه في اللعب المباح والعمل والقراءة، ويسمع شكواه ( ) وإذا اختلف المربي معه في الرأي فبينهما الحوار الهادئ واحترام كل للآخر إلا أن للوالدين حق الطاعة والبر.
كما على المربي أن يتقبل فكرة وقوع ولده في الخطأ، وأن يتذكر أن الخطأ ربما كان طريقاً للنجاح واستدراك الفائت، فلا يشنّع عليه ويتيح له فرصة الرجوع والتوبة؛ ليستعيد توازنه النفسي. وقد أشارت الدراسات إلى أن الأسوياء كان آباؤهم يتلفتون إلى محاسنهم ويمدحونهم على أعمالهم الحسنة أكثر من نقد الأخطاء، ويشاركونهم في اللعب والعمل كالأصدقاء ( )
وإذا فقدت هذه الصداقة وجدت الطفل في مراهقته يتعلق بزميل أو معلم أو قريب، وقد يكتسب خبرات سيئة كان الأولى أن يكتسبها من والده لو أن الصداقة عقدت بينهما.
كما أن احتقار الطفل يشعره بالغربة بين أسرته والرغبة في العزلة ( ) ومن جهة أخرى يقوّي صلته برفاقه الذين يعجبون به، وقد يكون هؤلاء رفقة سيئة فينساق معهم وينحرف، والواقع يشهد بمئات الأمثلة.
وقد تختلف شخصية الطفل وتفكيره عن والده فعندها يجب أن تظل بينهما أواصر الصداقة والمحبة، إذ ليس شرطاً أن يكون الولد صورةً عن أبيه ولكن المهم المحافظة على حالته النفسية ( )
وأما الاستقلال فيبدأ عند الطفل في سن مبكرة، إذ يحاول الاعتماد على نفسه في تناول الطعام وارتداء الثياب وعلى الأم أن تساعده على الاستقلال والاعتماد على النفس وسيكون أمراً صعباً يحتاج إلى صبر، وينبغي ألا تقدم له المساعدة إلا إذا كان العمل عسيراً لا يستطيعه، ويستمر في ذلك في كل حاجاته وأعماله، مما يدعم ثقته بنفسه ويسهل تكيفه مع المجتمع.
(ب) حاجته إلى الحب والحنان
وهي من أهم الحاجات النفسية، ولذا حَفلت السنّة بكثير من مظاهر هذا الحب، وتختلف وسائل إشباع هذه الحاجة من مرحلة لمرحلة، ففي مرحلة الطفولة المبكرة يَلَذُّ للمربي ملاعبة الطفل وترقيصه ومداعبته بأرقِّ العبارات وتقبيله وضمه، وبعد أن يبلغ خمس سنوات يحب الطفل أن يجلس قريباً من الوالدين أو يضع رأسه على فخذ أحدهما أو يقبلهما أو غير ذلك، بل إنه تشتد حاجته عند رجوعه من المدرسة أو من مكان لم يصحب فيه والديه أو عند وجود مشكلة خارج البيت أو داخله.
وفي مرحلة المراهقة يظل محتاجاً إلى الحنان والحب من والديه، وذلك أنه قد يخجل من إظهار هذه العاطفة وبخاصة إذا كان والداه ينتقدان حاجته للحب أو ينكران أن يقبّلهما أو يسند رأسه إليهما أو يحسان بالانزعاج والتضايق عندما يعبّر عن حبه لهما.
وعدم إشباع هذه الحاجة يؤدي إلى انعدام الأمن وعدم الثقة بالنفس، فيصعب على الطفل التكيف مع الآخرين ويصاب بالقلق والانطواء والتوتر، بل يعدّ الحرمان من الحب أهم أسباب الإصابة بمرض الاكتئاب في المستقبل ( ) ومن الناحية الاجتماعية تحدث فجوة بين المربي والطفل عندما لا تشبعُ حاجته إلى الحنان فيحس الطفل بالانقباض تجاه والديه ويستقل بمشكلاته ( ) أو يفضي بها للآخرين دون والديه، ويصبح عنده جوعة عاطفية ( ) تجعله مستعداً للتعلق بالآخرين، والتعلق يتخذ صوراً كالإعجاب والحب المفرط المؤدي إلى العشق المحرم والشذوذ الجنسي.
وفي مقابل ذلك فإن الإفراط في الحب وفي التعبير عنه، يمنع المربي من الحزم في تربية الطفل ويعرض الطفل للأمراض النفسية ( ) فقد يكون التدليل وتلبية الرغبات وتوفير أكثر الحاجات الضرورية والكمالية سببا في إفساد الطفل، لأنه يتعود على الترف، ويعجز في مستقبله عن مواجهة الواقع ( ) ولن يستطيع تحمل المسئوليات لأن حب الوالدين له زاد عن حده وجملهما يمنعانه من الاستقلال وتحمل المسئولية والقيام بالأعمال ( ).
(ج) حاجته إلى اللعب
ما يحققه اللعب من فوائد نفسية وبدنية وتربوية واجتماعية
يحقق اللعب للطفل فوائد نفسية وبدنية وتربوية واجتماعية، منها:
(1) استنفاد الجهد الفائض ( ) والتنفيس عن التوتر الذي يتعرض له الطفل فيضرب اللعبة متخيلاً أنه يضرب شخصا أساء إليه أو شخصاً وهميًّا عرفه في خياله وفيما يُحكى له من الحكايات.
(2) تعلم الخطأ والصواب وبعض الأخلاق كالصدق والعدل والأمانة وضبط النفس عن طريق اللعب الجماعي، وبناء العلاقات الاجتماعية، إذ يتعلم التعاون والأخذ والعطاء واحترام حقوق الآخرين، كما يتعلم دوره المستقبلي، إذ تمثل الفتاة دور الأم ويمثل الصبي دور الأب، وقد يمثلان مهنة من المهن.
(3) يدل اللعب بكثرة على توَقّد الذكاء والفطنة ( ) ويساعد على نمو العضلات وتجديد النشاط، وتنمية المهارات المختلفة ( ).
* ضوابط اللعب: للعبِ ضوابط منها:
(أ) ضوابط شرعية:
فقد تكون اللُّعبة محرمة في حد ذاتها، كالنرد والقمار واللعب بالحمام ويدخل تحت ذلك اليانصيب والرِّهان غير المشروع، وقد تكون اللعبة حراماً لأنها تشغل عن الواجبات الشرعية، أو لأنها تؤذي الجسم وتعرضه للهلاك، أو أنه يقترن بها محرم ككشف عورة أو لعن أو شتم أو معاداة لمسلم أو موالاة لكافر، أو صورة ذات رُوح أو صليب أو غير ذلك من المحرمات ( )
والقاعدة في ذلك: أن كل لعبة مباحة إلا لعبَةَ حرَّمها الشارع، أو اقترن بها محرم أو أدت إلى فوات واجب أو ارتكاب محرم.
ضوابط صحية
(ب) ضوابط صحية:
منها ما ورد في النهي عن اللعب بعد المغرب إلى العشاء، لأن تلك الساعة تنتشر فيها الشياطين ( ) فهذا الخطر معلوم شرعاً، وهناك أخطار معلومة بالعقل والتجربة كاللعب بالأدوات الحادة أو في الأماكن الخطرة.
ضوابط تربوية
(ج) ضوابط تربوية منها:
* تَنَاسُبُ اللعبة مع عمر الطفل، ففي السنة الأولى يميل الطفل إلى الألعاب البسيطة كالمكعبات وكرة البلاستيك، ثم يتطور فيصبح بإمكانه اللعب بالتركيبات وأدوات الحَفْر، والبنت تميل إلى اللعب بالدُّمى وأدوات المطبخ، ويمكن تعليمه مسك القلم ومشاهدة الكتب المصورة، وتعد الألعاب الصامتة من أهم الألعاب، لأنها تحتاج إلى تخيل وتمرين وتتيح للطفل فرصة الابتكار وتستحوذ على اهتمامه مدة أطول من الألعاب المتحركة ( ).
* تعويد الطفل على اللعب بمفرده إذا كان وحيداً، وعلى الأم ألا تشارك ولدها اللعب إلا كتمهيد ثم تنسحب تدريجيًّا، ليتعلم كيف يلعب وحده ويعتمد على نفسه ( ).
* اللعب مع الحيوانات الأليفة، مع ضرورة الانتباه إلى الرعاية الصحية، وهي تكفل للطفل متعة وفائدة لا تحد ( ).
* إخفاء بعض الألعاب حتى يشتاق إليها ثم إعادتها إليه ( ).
* عدم الإغراق في شراء ألعاب الحرب لأنها تزيد العدوان عند الطفل ( ).
* تهيئة مكان للعب الطفل، ويحسن أن يكون واسعا مفتوحاً ( ) وهذا يكفل سلامة الطفل وترتيب البيت وسلامة الألعاب ( ).
2- إعداده لممارسة حياته المستقبلية
ولن يكون هذا ا لإعداد إلا بزرع الثقه في نفس الطفل وتعويده الاعتماد على النفس وتقوية إرادته وعزيمته وتنمية مواهبه، وهناك وسائل تساعد على ذلك منها:
احترام الطفل
وهذا الاحترام يحمل على إكرام الطفل وعدم السخرية منه، ولو أخفق في عمل ما، بل إن احترامه يقتضي الثناء عليه عند نجاحه، واستشارته في بعض الأمور، واستحسان رأيه الصائب، وإرشاده برفق إلى خطأ رأيه ( )، وإذا كان أحد الوالدين أو بعض الأقرب يستهزئ بالطفل أو يواجهه بالنقد الجارح كانتقاد الشكل أو العقل، فعلى الأطراف الأخرى أن تدعم الطفل، وتنمي ثقته بنفسه، وتمدحه، وتمنع الأطراف الأخرى من الانتقاص من الطفل؛ لأن ذلك يضعف ثقته بنفسه في المستقبل، ويهز شخصيته، ويجعله مستعداً للتخلي عن أفكاره بسرعة إذا انتقده الآخرون ولو كانت تلك الأفكار صائبة؛ لأنه لم يتعود على الثقة بالنفس واحترامها منذ الطفولة.
تكليفه ببعض الأعمال
وأول خطوة في ذلك: استغلال رغبته في الاستقلال وتأكيد الذات. فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الطفل يسعى إلى الاستقلال في سن مبكرة، فيحاول الأكل وحده وغسل يديه وتمشيط شعره وارتداء ملابسه، ويجب مساعدة الآخرين، وعلى الأم خاصة أن تُرضي هذه الحال فتعص أطفالها حريتهم في الاستقلال وتساعدهم دون سخرية ولا تدللهم بدافع المحبة الزائدة ( ).
* وتأتي الخطوة الثانية في: تعويد الطفل على ترتيب غرب4 وقضاء حوائجه الخاصة، وإذا كان في البيت خدم فينبغي أن يعلم أن الخدم للبيت عامة، وعلى كل فرد القيام بعمله وحوائجه ( ).
* الخطوة الثالثة: تتمثل في أشياء كثيرة منها: استئمانه على الودائع وتكليفه بالبيع والشراء، وأعمال أخرى بحسب قدرة الطفل وقوته.
* اختلاطه بالناس لأن الحياة مدرسة لن يتعلم الطفل إلا من ممارستها فيعوَّدُ الطفل على حضور المجالس ومصاحبة والده في زياراته وحضور الولائم والأعراس بشروطه وضوابطه، لأن هناك جوانب لن تتضح إلا إذا خرج الطفل من البيت والتقى بالغرباء، وقد يأتي بعادات سيئة أو كلمات بذيئة ليس لهما علاج إلا التصحيح السريع ( ) وأما منعه من ذلك فخطأ جسيم يمنعه من تعلم أشياء كثيرة ومن ثم يصعب عليه التكيُّف مع الآَخرين.
* ويجب أن يعلِّم المربي ولده آداب المجالس والحديث ويتركه يعتمد على نفسه فلا يلقنه الإجابة إذا سُئل، ويحذره من الثرثرة ويطلب منه المشاركة في الحديث ( ).
* تقوية إرادته عن طريق: تعويده الصبر وإبعاده عن الترف. ويتعلم الطفل الصبر وضبط السلوك في الشهور الأولى من حياته إذا تريثت الأم قليلاً في إجابة ندائه وتحقيق طلباته من طعام أو شراب أو غير ذلك، وهذا التريث قليل لا يصل إلى حد الإضرار به ( ) وكذلك: عدم إجابة طلباته وحرمانه من بعض الكماليات حتى لا يفسد بالترف ( ).
* تعويده الخضوع للسلطة المرشدة التي تضبط سلوكه وتحد من رغباته المتهورة، وعلى يدها يتعلم السلوك الصحيح ( ) ويتوافق مع المجتمع الذي يعيش فيه بخضوعه قيم الاجتماعية المتعارف ( ) ويستحسن أن يُقنِع المربي ولده بالعادات الاجتماعية، وأما التكاليف الشرعية فليس ضرورياً أن يقتنع بها، بل ينبغي أن يعلم حرمتها ويحترم كونها أمراً شرعيا" ( ).
* ينبغي أن يختلف إعداد الفتى عن الفتاة، فلا بد من منع الطفلة من مجالسة الرجال إذا بلغت الرابعة أو الخامسة ومن الخروج إلى الشارع، وتُعَلَّم الأدب والحشمة والحياء، وتُلزَمَ بالحجاب، وتُعلَّم أعمال المنزل وكل ما يساعدها لتكون زوجة ناجحة وأماً مثالية ( ) ومن الواجب أن تكون الأم صديقة لبنتها فتشركها معها في أعمال المنزل والتزيُّن والمكوث في البيت وتشابه اللباس. والأب يصادق ولده ويخرج معه إلى قضاء الحوائج والصلاة ويلبس مثله، ولكن ليحذر من أخذه معه في رحلات أصدقائه لأنه قد يتعلق بأحدهم وبخاصة إذا كان مراهقاً ويحدُث الانحراف من حيث لم يحذر الوالد.
الفصل الرابع
تنمية وإذكاء روح علو الهمة
إن تربية الطفل ليصبحَ ذا همّة عالية تعتمد على عدة أمور منها:
* تقوية إرادة الطفل، وذلك باحترام رأيه واستشارته وعدم تحقيره وإهانته لأن ذلك يجعل الطفل يحتقر نفسه ويعود الذلة والمهانة، وبتعويده على الصبر وقهر الهوى ومخالفة النفس ( ) لأن النفس بذلك تشعر بالعزة وعلو الهمّة.
* تعويده على طلب الكمال وإحسان العمل، ويجب الحذر من أن يكون ذلك في اللباس والطعام والمسكن والمركب لأن هذا حال أكثر الناس، وهذا يدفع الطفل إلى ارتكاب المعاصي لأجل المتاع الزائل، وإنما المقصود تعويده على طلب الكمال في الخلق والدين وطلب محاسن الأعمال، فإذا كان معه طعام أو مال عود البذل، وان اعتدى عليه أحد عود على العفو والتسامح.
* تعليقه بالقضايا العالية كحثه على طلب العلم ليصبح عالما ربانياً يقود الناس إلى الجنة، وتدريبه على الشجاعة ليجاهد في سبيل الله، وكسب المال لإنفاقه في وجوه الخير، والحذر من تعليقه بالتطلعات الأرضية التي يتساوى فيها المسلم والكافر كالأكل والشرب وملذات الدنيا، فهذا الأسلوب يعطل طاقات الإنسان ويجعله مُخلِداً إلى الشهوات والصَّغار، والرضى بالدون ( )
* ربطُهُ بالقدوات العالية الهمة عن طريق تعليمه المغازي، وسيرَ ذوي الهمة العالية في الالتزام بالعقيدة، والتضحية في سبيَلها " وذوي الخُلُق العالي، فيكنَّى ويسمّى بأسمائهم وكناهم، ويحدث بسيرتهم ليقتدي بهم.